الأحد، ديسمبر 09، 2007

إلغاء الدعم

إلغاء الدعم
كنت أؤثر دائماً البعد عن التعليق على حكومة الدكتور أحمد نظيف أو الصراعات السياسية الداخلية في مصر لأني أعتبرها صراعات طفولة سياسية تفتقر كثيراً إلى النضج و تتنافى دائماً مع المنطق و إجمالاً هي في الأغلب مجرد تصفية حسابات شخصية أو مجرد فهم خاطيء دائم و راسخ لا يتغير أبداً و يحاسب على النوايا قبل أن يبحث عن الوقائع ليحللها ، فمن ينظر إلى الصراعات السياسية الداخلية و يقارنها فقط بالمنطق السليم سيصل إلى نتيجة واحدة حتمية و هي نفض يديه و عقله و فكره من التأمل فيها فهي مضيعة للوقت لا أكثر و لا أقل
و لا يعني إهتمامي بالتعديلات الدستورية أنني تراجعت عن وجهة نظري في الإعراض عن متابعة و تحليل الأحداث الداخلية المصرية بقدر ما يعني أن هناك أحداث لها معنى و لها أيضاً حجم يجبرني على الإهتمام بها و متابعتها حثيثاً
و منذ تلك التعديلات و قد إستقرأت فيها توجهين إثنين أولهما القضاء على الإخوان المسلمين تحديداً و ليس أي تيار سياسي آخر و رغم كارثية هذا التوجه لكون تعديلاً في دستور بلد في حجم مصر يأتي لمجرد إبداء رد فعل سياسي بلا أي أثر يصب في صالح الشعب المصري إلا أن التوجه في حد ذاته حاز التأييد من الكثيرين و أنا منهم رغم تحفظي على كون وسيلة القضاء على تيار سياسي كانت تعديلاً في الدستور و هو ما يعكس حجم القلق اللذي تسببه جماعة الإخوان للنظام الحاكم كونه يعدل دستور الدولة من أجل القضاء عليهم ، لكنني أؤيد القضاء على جماعة الإخوان سياسياً فهم يثبتون كل يوم جهلهم المدقع بدهاليز السياسة و يثبتون أيضاً أن خلطهم الدين بالسياسة أضفى على جماعتهم تشوهاً كبيراً فلا هم تمكنوا من المضي كتيار ديني كونهم أعلنوا الكثير من التنازلات و اللتي قضت على شكل الجماعة الديني و لا هم إستطاعوا الدخول لدروب السياسة بإحتراف كونهم خلطوا السياسة بالدين و هما نقيضان لا يمكن خلطهما تماماً كازيت و الماء
و التوجه الثاني في تلك التعديلات الدستورية كان توجهاً يهدف إلى تحويل مصر من الإشتراكية إلى الرأس مالية ، و بغض النظر مؤقتاً عن الدافع وراء هذا التوجه و برؤية المحلل نجد أنه توجهاً محموداً أيضاً و هو أمر يتناسب مع الوسيلة اللتي خرج بها إلى النور و هي التعديلات الدستورية فمن الطبيعي أن أقوم بتعديل دستوري لتغيير شامل في النظام الإقتصادي للدولة
و كانت بداية هذا التوجه قبل التعديلات الدستورية متزامنة مع تعيين حكومة الدكتور أحمد نظيف و إنتقاء رجال أعمال لتولي مقاعد الوزارات ، و أنا أيضاً أؤيد ذلك التوجه من أجل صالح البلد رغم أن ثمار هذا التوجه قد لا يجنيها الجيل الحالي و ربما لن يجنيها أيضاً الجيل القادم و لكنها - إذا دامت - ستثمر ثماراً جيدة جداً مستقبلاً و تبقى إفرازات المرحلة الإنتقالية بين الإشتراكية و الرأسمالية مؤرقاً للحكومة و للمواطن على حدٍ سواء فليس من اليسير تغيير عقليات ولدت و نمت و عاشت في كنف الدولة الأم و الأب و الطبيب و المدرس و رئيس العمل إلى عقليات تقتصر عواطفها على خصوصياتها الشخصية و تنسى دور الدولة كأم و أب و راعي صالح يطيب الخواطر و يربت الأكتاف
الدولة ليست ملزمة بما يلزمها به الشعب من دعم للمأكل و المشرب و العلاج و التعليم و الوقود و غيرها فالأمر هنا - في ظلال الرأسمالية - يختلف تماماً لأن الرأسمالية تعني حساب المكسب و الخسارة و تعني أن يتقاضى العامل أجراً مساوياً لجهده و عمله لا أن يعمل الموظف 17 دقيقة في اليوم و ينتظر في نهاية الشهر أجره كاملاً .. هذا ما أعنيه بسياسة الدولة الأم و اللتي يعتبر شعبها أن عطائها دائم و مستمر دون مقابل
قد يقول قائل أن سياسة دعم غير القادرين هي سياسة عالمية و ليست حكراً على مصر فقط و أقول نعم هي بالفعل سياسة عالمية و لكنها أولاً تدعم غير القادرين فعلياً و بما يتلائم مع ظروفهم و إمكاناتهم و بما يتلائم مع إمكانيات الدولة و قوة إقتصادها كما أن الدعم في هذه الحالة يصل إلى مستحقيه الفعليين و ليس إلى الناس كافة
و ثانياً الدعم في الدول المتقدمة دعماً متقدماً بدوره و ليس كما نراه في مصر دعم شامل يستفيد منه أغلبية ليست في حاجة إليه كدعم البنزين مثلاً و اللذي يذهب غالبه إلى أصحاب الملايين من مالكي السيارات الفارهة و الدول المتقدمة لا تدعم السلع - دعم عيني - و إنما تدعم الفقراء بمعونات و كوبونات - دعم نقدي - ليستطيعوا مواجهة متطلبات حياتهم
و ثالثاً لا توجد دولة في العالم تدعم كل شيء مثل مصر فالشعب المصري إعتاد على أسلوب الرضاعة من الحكومة فهي تدعمه منذ الولادة في حليب الأطفال و ما شابه و تدعمه في مراحل التعليم المختلفة و تدعمه في العلاج و تدعمه في الزواج بإيجاد مساكن تتناسب مع ظروفه و تدعمه بعد الزواج ببطاقات تموينية و تدعمه بعد الإنجاب لتعاد الحلقة السالفة الذكر من جديد و لا توجد دولة في العالم مهما بلغ ثرائها و قوة إقتصادها بهذه القدرة على الإستمرار في رضاعة شعبها طوال حياته و إنما يقتصر الدعم على النقدي منه و على الفقراء فعلياً من شعبها
و تظل مشكلات المرحلة الإنتقالية كثيرة و لكن المشكلة الحقيقية في تغيير مفاهيم الناس من الإعتماد الكلي و الدائم على الحكومة إلى الإعتماد على النفس و على الكد و الجهد و العرق و المهارات الخاصة و العلم التحصيلي و البحث العلمي
هناك أيضاً الصائدون في الماء العكر و طبالي الزفة أصحاب الأقلام اللتي تبحث عن أي شيء لتهييج الرأي العام على الحكومة و أتعجب بشدة من المعارضة الغير موضوعية بالمرة في معارضتها و اللتي تتخذ من مسماها المعارضة معارضة لكل شيء و أي شيء فكل قرارات و أفعال الحكومة خطأ و كل توجهاتها غير صحيحة في نظر الإخوة المعارضين و لا أدري ألا يروا نقطة بيضاء واحدة في كل هذا السواد اللذي يغلف أبصارهم ؟
هذا لا يعني موضوعية مؤيدي النظام فالكل يستغل منبره للجعجعة و الصيد في الماء العكر و قد تكون لاموضوعية المؤيدين هي ما خلق لا موضوعية المعارضين و ربما العكس فلا طائل من البحث عن الباديء باللاموضوعية و إنما المهم هو أنها قائمة بالفعل لاموضوعية عجيبة في الرأيين المتضادين
لا يمكن إنكار المساحة الكبيرة من حرية التعبير اللتي أصبحنا ننعم بها ففي العصور الغابرة كانت حرية التعبير حلماً بعيد المنال أما اليوم تطول الإنتقادات كل الشخصيات بداية من رئيس الوزراء إلى رئيس الجمهورية و لا فرق بين منصب كبير كان أم صغير أمام الإنتقاد و ليت النقاد بنوا شيئاً بنقدهم بل ما أراه أن النقد هدام لدرجة مخيفة تضطر الحكومة أمامها إلى إتخاذ إجراءات تحسب عليها و تسقط رغماً عنها سقطات فاضحة أمام الرأي العام
الأعجب هو القضايا الساخنة اللتي تركز عليها الصحف سواء المعارضة منها أو الحكومية فهي قضاياً أقل ما توصف به هي التفاهة الشديدة و الفراغ الفكري بل قل الإفلاس الفكري و ربما الثقافي أيضاً
على سبيل المثال تهالك التحقيقات الصحفية و التحليلات العميقة لمسئلة زواج السيد أحمد عز و تندهش من طول مدة إهتمام الصحف بهذه المسئلة و تصاب بالذهول عندما تصل الأمور إلى إتهام الحزب الوطني و البرلمان معاً بتقويض دور المرأة في الحياة السياسية لأنهما سمحا للسيدة شاهيناز النجار بالإستقالة من البرلمان لكونها ستتزوج أو تزوجت بالفعل من السيد أحمد عز
ما هذه السماجة و التطفل على حياة الناس ؟ و لماذا كل هذا التهويل و النقد و التقريع لرجل سيتزوج ؟ ماذا لو كان هذا الرجل قد زنا مثلاً فإذا كانت كل هذه المقالات كتبت لأنه تزوج فماذا كان سيكتب إذا زنا ؟
ثم ما هو الرابط بين إستقالة نائبة في البرلمان و دور المرأة في الحياة السياسية ؟ إن إستقالتها تندرج تحت الحرية الشخصية و خصوصيات الحياة و كذلك زواجها فلماذا هذا التطفل السمج و التدخل المتسلق في حياة الناس ؟
مثال آخر فجره مسلسل تليفزيوني و هو مسلسل الملك فاروق فقد طفق الجميع يتحدث بحماسة متوارياً خلف فكرة مريضة أسست على نظرية المؤامرة الفريدة عن عودة الملكية إلى مصر و آخرون يتحدثون عن الدعم السعودي للمسلسل لتكريس حب الملكية في الوجدان و غيرها من البلاهات المنغولية و اللتي تدل على أن الشعب اللذي يصرخ في مظاهرات و إعتصامات و معارضات و إعتراض على السياسات هو في حقيقته شعب يسلم عقله للمسلسلات التليفزيونية و أحاديث النميمة عن زواج هذا و طلاق هذا ناهيك عن ملايين الجنيهات اللتي ينفقها الشعب على رسائل الموبايل و الموبايل نفسه و غيرها من وسائل المراهقين في التعبير عن أنفسهم
أشعر حقاً بتعاطف شديد مع النظام الحاكم و بالتحديد مع السيد الرئيس حسني مبارك على ما يعانيه من مواجهة شعبنا الفاضل للتطوير و التحديث و التغيير الفكري ، و تعاطفي هذا لا يعني تأييدي المطلق لكل القرارات و السياسات الرئاسية فهناك أخطاء و لا شك و لكن الحقيقة أنها لا تذكر أمام المعاناة اللتي يلاقيها أي حاكم يرأس الشعب المصري
نهاية فأنا أؤيد إلغاء الدعم العيني بالكلية - و هو ما سيحدث - و تحويله إلى دعم نقدي رغم أنني سأعاني كما سيعاني الشعب كله من جشع التجار و أطماعهم اللتي لا تنتهي و لكن المنطق يجبرنا على القبول و الموافقة فنصف ميزانية الدولة يذهب إلى الدعم أي أنه يذهب أدراج الرياح فلا يستثمر و لا يكون له أي عائد لأنه يتماثل مع شراء هدية و إهدائها لشخص ميت فلا الشخص يعود إلى الحياة و لا الهدية يمكن إستردادها

الأحد، نوفمبر 25، 2007

أنابوليس ... العشق و الهوى

أنابوليس ... العشق و الهوى
تقع مدينة أنابوليس عاصمة ولاية ماريلاند على بعد 80 ميلاً من العاصمة واشنطن و هي مدينة تحمل أهمية تاريخية حيث عقدت فيها مؤتمرات ما بعد إستقلال أمريكا للتنسيق بين الولايات في شئون التجارة و العمل و غيرها و ستستضيف أنابوليس في يوم الثلاثاء السابع و العشرين من نوفمبر الجاري مؤتمر أو إجتماع أو " قعدة " السلام و اللتي وافق حكام ستة عشر دولة عربية على الذهاب إليها مع وزراء خارجيتهم و إحتمال كمان مع أبناء جيرانهم !لست أبداً ضد السلام و عودة الحقوق لأصحابها لا سيما الشعب الفلسطيني رغم يأسي من تحقق تلك العودة و لكن .. لقد كانت نتيجة فشل مؤتمر كامب ديفيد للسلام اللذي دعا إليه الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون هي قيام إنتفاضة عام 2000 ... فماذا يا ترى ستكون نتائج فشل " قعدة " أنابوليس ؟
و هي " قعدة " بالفعل أو لنقل زيارة ترفيهية أو سياحية للزعماء العرب لعدة أسباب .. منها أن الدعوة الأمريكية لحضور هذه القعدة لم تحمل لا جدول أعمال و لا أجندة مؤتمر و لا بيان ختامي و لا حتى عبارة " لا عزاء للسيدات " أو " العاقبة عندكم في المسرات " !و إنما حملت الدعوة كلمة براقة رنانة تسيل اللعاب و هي كلمة " السلام " .. إزاي ؟ و فين ؟ و إمتى ؟ ما حدش عارف !و منها أن الوضع السياسي للولايات المتحدة غير مستقر داخلياً و خارجياً مما يعني فقدها الجزئي للقوة القادرة على دفع أو مراقبة خطوات للحل النهائي و منها إقتراب خروج رئيسها من الحكم مما يعني تغيير جديد في سياستها و إحتمال جب كل ما سبق إتخاذه من قرارات و مبادرات
لقد حار الزعماء العرب مثل حيرتي الآن في رفض أو قبول حضور تلك القعدة و أقاموا القمم و القيعان و إختلفوا فقررت السعودية رفض الدعوة ثم إتفقوا فعادت السعودية لتعلن أنها لن تخرج على الإجماع العربي .. ثم جاءت سوريا مكفهرة الوجه عبوسة لتعلن أنها لن تذهب إلا إذا أدرجت مشكلة مرتفعات الجولان على أجندة المؤتمر ( هي فين الأجندة دي ؟ ) و إستجابت الإدارة الأمريكية لمطالب سوريا ببعض التصريحات ( أي دون رد رسمي ) و لكن سوريا تصر على رد رسمي أما إسرائيل فكعادتها الدائمة تهلل وجهها عندما علمت أن العرب أجمعوا على الذهاب و وصفت ذلك الإجماع بأنه أمر هام يمكن أن يكون ضمانة لنجاح هذه المبادرة ( يعني حاجة كويسة ) و هي جملة مغرقة في الديبلوماسية ككل الأقوال الديبلوماسية و اللتي عندما نسمعها نشعر بالسعادة رغم كوننا لم نفهم أي شيء و لم نحصل على أي نتيجة !
العشق
تعشق الولايات المتحدة ذلك الدور اللذي منحتها الظروف منحة القيام به و هو دور شرطي العالم و الأخ الأكبر ( غير الشقيق ) للمستضعفين و المظلومين و الأرامل و الأيتام و الرضع .. و تعشق إسرائيل أن تكون طرفاً دائماً في المشكلات التاريخية و يا حبذا لو كانت الطرف الأقوى صاحب الإملاءات و الشروط و صاحب الممتلكات - غير الشرعية - اللتي ما إن يلوح بها ( كوقف الإستيطان أو أن القدس عربية ) حتى يهرول الجميع للموافقة على تطبيع العلاقات معها ، و التطبيع العربي مع إسرائيل أو بالأحرى رهن التطبيع العربي مع إسرائيل هو السلاح الوحيد الفعال في يد العرب ضد إسرائيل و هو الأمنية الغالية للدولة اليهودية و اللتي تفتقد الأمان في وجودها بين دائرة من الأعداء منذ قيامها ، بيد أن هذا العشق الأمريكي الإسرائيلي لا يخلو من المراوغة و اللعب بكل الخيوط فعشق الولايات المتحدة لدورها التاريخي في فرد المساحات الزمنية الشاسعة للحل ( اللا ) نهائي لا يضاهيه عشقاً ففكرة شرطي العالم و فتوة الناس الغلابة لا تقوم على القواعد الأخلاقية المتعارف عليها و إنما تقوم - ككل السياسات - على قواعد النفعية و المصلحة الخاصة و هي بتطويل و مط الحلول تمنح نفسها فرصاً جديدة للعب نفس الدور عندما يفشل حل من الحلول - الغير قابلة للنجاح - اللتي تطرحها كل سبعة أو ثمانية أعوام و تسير إسرائيل صاحبة المصلحة الأصيلة في تعقيد القضية لا حلها على نفس النهج فالحل يعني خسائر بالجملة لإسرائيل - و لبعض المستفيدين العرب - لأنها ستعيد أراضي إحتلتها و تفقد ورقة مهمة في لعبتها مع العرب كما ستفقد مساحة كان يمكنها توطين مواطنيها فيها و بالتالي فرض أمر واقع على إصحاب الأرض الأصليين كما أنها ستخسر أمنها إذا قبلت بإعادة اللاجئين الفلسطينيين و ستفقد حلمها بأن تكون القدس عاصمة إسرائيل .. و في النهاية - و هو الأمر المحتوم - ستفقد وجودها في الشرق الأوسط و حيازتها لأرض الميعاد
الهوى
تعرف الماسوشية بأنها متعة تعذيب النفس فبعض الأشخاص يجدون في ضربهم و إيلامهم و ربما تعذيبهم متعة لذلك يبحثون عن عذابهم بحث العاشق عن معشوقه و في رأيي أن العرب باتوا ماسوشيين فيما يتعلق بقضية فلسطين فهم يعلمون علم اليقين أن قعدة أنابوليس لا طائل منها سوى أنها خطوة جديدة نحو التطبيع و ربما خطوات نحو ضرب إيران و لكنها بعيدة كل البعد عن هدفها المعلن " السلام " و بعيدة عن هدفها الموحى به و هو إقامة دولة فلسطينية كما أنهم يدركون الحيل الأمريكية و الإسرائيلية في مد و مط و تطويل الحلول لتصبح في النهاية حلول نظرية فقط .. و رغم كل هذا فهم يهوون الذهاب إلى مؤتمرات السلام و يستعذبون الحلول الأمريكية بعيدة المنال و المسافة و الغريب أنهم يصدقونها و يؤيدونها و يتخذونها نهجاً فعلياً فما زال حتى الآن بعض الموهومين يتشدقون بخارطة الطريق و كأنها واقع رغم أنها فقدت مصداقيتها بعد أن تجاوزت الخطوات الزمنية المحددة لها و لم يتحقق شيء على أرض الواقع إنه الهوى العربي في السير وراء السراب على أمل ألا يكون سراباً و لكنه أبداً لا يكون إلا سراباً رغم كل ما سبق من " رغي " إلا أني أدعو الله ألا تصدق ظنوني و أن تنبثق من قعدة أنابوليس أي نتائج إيجابية لعل جورج بوش اليوم يكون قد تعقل و أدرك أنه على شفا الخروج من البيت الأبيض فيلتمس حسن الخاتمة بدلاً عن سوء المنقلب

الأحد، سبتمبر 16، 2007

عالم حركات

عالم حركات


إذا نظرنا إلى العالم بشيء من الروية و التؤدة سنجد أن التشابه المنطقي يغلف الكون في كل شيء حتى في تصرفات الإنسان فهيئة مثل هيئة
الأمم المتحدة تلهث وراء الإعانة الأمريكية الضخمة لتمويل نشاطاتها مما جعل الهيئة تقف أمام رغبات و نزوات الولايات المتحدة عاجزة عن إتخاذ أي قرار فتحولت تلك الهيئة الموقرة إلى هيئة قلل متحدة أعضائها من أكياس الجوافة الناضجة إلى حد التعفن

و بالمثل في كل قلة من أعضاء الهيئة الميمونة تستأثر النخبة الحاكمة بكل خيرات و موارد الدولة لتعطي و تمنح مما يحول أجزاء تلك الدولة إلى إمعات لا حول لها و لا قوة أمام سلطة ذوي السلطة و هم إن أرادوا حولوها إلى سَلـَطـَة

مصر اللتي في خاطري .. مصر المحروسة .. مصر بشمسها الذهب .. مصر تحولت بقدرة قادر إلى بلد حركات بشهادة أعين الواقع و الأحداث فها هي حركة كفاية و حركات ( 000 ) من أجل التغيير و بين القوسين ضع ما تشاء من مسميات و حركة الإخوان و حركة كذا و حركة كذا ثم أتحفتنا قريحة الشعب الأبي بحركة " نعم " تلك الحركة الوليدة اللتي نشأت و ترعرعت لتأييد تولي جمال مبارك الحكم و إنشق الأفق عن حقيقة وجود حركات كثيرة مماثلة و قائد حركة نعم هو ممدوح زخاري جرجس .. و لا أدري عنه أكثر مما هو مكتوب

ثم حركة " أحرار " و هي الحركة الوطنية لمكافحة التطرف بقيادة الطبيب عادل سيد و اللذي أعلن أن عدد أفرادها تجاوز أربعين ألفاً فقد ولدت تلك الحركة عام 2006 و لكنها عملت سراً بناءاً على نصائح الأمن و هي حركة - حسب كلام قائدها - منشقة عن حركة الإخوان المسلمين و غالبية أعضائها من طلبة الجامعات و أكبر عضو فيها لا يزيد عمره عن ثلاثين عاماً

إننا نحيا بعالم الحركات و لا شك فالسيد بوش أكل عقول الأمريكان برعب الإسلاموفوبيا ليغزو أفغانستان و العراق ( حركة )

ثم نووي إيران لعزلها عن العالم و من يدري لعله يغزوها أيضاً ( حركة )

ثم تمخض عقل السيد بوش و إدارته فأنجب عجباً فقال أن إيران تقوم بتسليح تنظيم القاعدة .. إنه كمن يخبرنا أن الماء يزيد النار إشتعالاً !

هي أيضاً حركة و لكنها شديدة الإنكشاف و البلاهة أيضاً فكيف يقوم الشيعة بمساعدة أعدى أعدائهم ؟

ثم يأتي السيد بوش ليدعم حكومة السنيورة آملاً في القضاء على حزب الله بعد أن فشل دعمه لتنظيم فتح الإسلام ( حركتين )

و يحث العالم على مقاطعة حكومة حماس الشرعية و المنتخبة لأنها حكومة إرهابيين ( حركة )

و يترك السيد بوش السعودية بكل ما تحمله من تعصب و تطرف كي تبقى السعودية مستقرة أمنياً و بالتبعية يبقى أهم و أكبر مصدر للنفط آمناً ( حركة )

إسرائيل ( صانعة الحركات المحترفة ) تقوم بطلعة إستطلاعية على الأراضي السورية و كأنها العزبة بتاعة المرحوم اللي ورثتها إسرائيل و لديها كامل السيادة عليها و لكن لسوء حظها قامت الدفاعات السورية اليقظة بالتعامل مع الطائرات المقاتلة مما إضطرها لإلقاء حمولتها الزائدة من خزانات الوقود الإضافية و لسوء حظها مرة أخرى هبطت بعض تلك الخزانات على الأراضي التركية علماً بأن تركيا الحليف الرئيسي لإسرائيل في المنطقة و قامت الدنيا في تركيا و طلبت توضيحات من إسرائيل و وصفت الحدث بغير المقبول

و رغم ذلك فستنتهي الأمور إلى لا شيء لأنها ستنتهي بحركة جديدة من إسرائيل لتسكين الزوبعة

حتى على مستوى الأفراد و الشركات و العمل و الشارع و البيت تصبح الحركات الملاذ الوحيد للعيش بهدوء و سلام فمن منكم أيها القراء الكرام لا يصنع يومياً حركة أو حركتين و ربما أكثر ليتجنب مشكلة في العمل أو في الطريق العام أو يسكت زوجته عن مسائلته أو تدفع زوجها لقبول ما رفضه سلفاً

الأربعاء، يوليو 11، 2007

أمريكا ونهاية اللعبة العراقية

أمريكا ونهاية اللعبة العراقية
باتت السيطرة على العراق ضرباً من المستحيل بعد أن تجاوزت المقاومة الإسلامية بنوعيها الشيعي و السني كل الحدود و أصبحت المعركة متعددة الأطراف و الأهداف و اتجه بعضها إلى شكل الثأر في حين الشكل الطبيعي للمقاومة و هو التحرير أصبح مشوه و غير واضح بعد ظهور أذناب القاعدة و تفاقم المعارك بينها و بين جيش المهدي و بينها و بين جماعات المقاومة السنية و بين جماعات المقاومة السنية و جيش المهدي و بين كل الأطراف السالفة الذكر و قوات التحالف ناهيك عن الأكراد و أهدافهم في تكوين دولة كردية على حدود تركيا و رفض تركيا القاطع لهذا الحلم الكردي مع إحتمال تدخل الجيش التركي في شمال العراق و ما يترتب على هذا التدخل من آثار على العراق و على العلاقات بين تركيا و أمريكا
إنه مزيج من المعارك و الأهداف جعل من العراق ساحة للفوضى و مجال خصب لنمو الإرهاب و تربيته
و ضاع الهدف الأمريكي الظاهر و الخفي من غزو العراق فلا العراق تحولت إلى نموذج ديموقراطي عربي يحتذى و لا هنأت أمريكا بالغوص في نفط العراق الوفير بل الأدهى و الأكثر مرارة أن أمريكا دفعت فاتورة باهظة لتمويل غزو العراق فضلاً عن الكراهية العربية و الإسلامية اللتي تفاقمت تجاه بلاد العم سام لكونها تدعم إسرائيل بمناسبة و بدون مناسبة ضد فلسطين من جهة و لكونها غزت العراق و حولتها إلى فوضى عارمة من جهة أخرى
و لكن واقع الحال يجبرنا على البحث - و لو النظري - عن حلول لمأساة العراق ففي النهاية يجب أن يستقر هذا البلد و يأمن ليس فقط من أجل أبناءه و لكن من أجل منطقة الشرق الأوسط بأسرها و من أجل العالم الإسلامي اللذي تحول بفعل غزو العراق إلى سيرك قومي يعاني الأمرين من كل جهة
لقد أثر غزو العراق و من قبلها أفغانستان على العالم ككل و تحول علماء المسلمين إلى قادة عسكريين يصدرون فتاواهم ليأتمر بها أتباعهم فإما الحرب و المقاومة و إما الإرهاب و الخسة و القتل في جنح الليل و الغدر بأرواح الآمنين و إما الصمت الكسير الذليل
في النهاية يجب علينا التسليم بالأمر الواقع و هو وجود قوات التحالف على أرض العراق و يجب عليهم التسليم بأمرين و هما فشل الحملة العسكرية على أفغانستان و على العراق بالإضافة إلى الفشل الأكبر في السيطرة على البلدين فحتى أمل إعادتهما كما كانا قبل الغزو بات من المستحيل
و الحلول اللتي تخص العراق تكمن في خطوة أولى و هامة و هي إسقاط حكومة المالكي و هو كفعل سيكون أول إصلاح لخطأ فادح إرتكبته أمريكا و لكن أظنها غير عامدة ، ففكرة تسليم السلطة للشيعة على وجه التحديد لم تكن أبداً لتراود صقور البيت الأبيض لكون إيران هي العدو الأول لأمريكا و تسليم السلطة للشيعة في العراق يعني تسليم العراق لإيران و لكن ما أظنه أن تسليم السلطة كان لمن تعاون مع أمريكا في الإستيلاء على تلك السلطة و هو ما أراه منطقياً فالشيعة هم أكثر طوائف الشعب العراقي كراهية لصدام حسين و أكثر من تضرر من الحكم الشمولي لحزب البعث و بالتالي فهم أول من ساعد بلا تردد في إسقاط النظام البعثي أي أنهم هم من إستقبلوا المحرر الأمريكي بالورود و أكاليل الغار و بالتالي فهم أكثر ولاءاً من غيرهم للمحرر الغربي و لهم الحق في الحصول على السلطة في العراق طالما كان ولائهم لأمريكا و لكن الحقيقة اللتي لم يرها القادة الأمريكان هي أن العرب ليسوا هم من يتطلع لبناء دولة مدنية حديثة على أسس علمانية و ليسوا من يترك أو يتسامح في الإضطهاد و التنكيل البعثي قبل الغزو و لابد من رد الصاع صاعين قبل إستقرار البلد فالثأر أجدى لديهم من مستقبل أولادهم
أهم ما يخصنا في هذا الخضم هو الحل لمشكلة العراق ، و هو كما ذكرنا إسقاط حكومة المالكي و العمل على وضع دستور أكثر إعتدالاً للبلاد و تحويل العراق إلى دولة علمانية ثم تشكيل حكومة إنتقالية يوافق عليها الشعب العراقي بكل طوائفه بغض النظر عن شكلها الطائفي فلا بأس أن تكون كلها من الشيعة أو من السنة أو خليط منهما معاً فالهدف لن يكون بالضرورة الحصول على السلطة بل سيكون الهدف إيجاد مستقبل لهذا البلد العليل ، يجب أيضاً وضع جدول زمني واضح للإنسحاب الأمريكي من العراق و يمكن إحلال جيش إسلامي خلفاً له و يمكن التغاضي عن هذا و للشعب العراقي الحق الكامل في الإختيار
و لكن قبل كل هذا لابد من تصفية تنظيم القاعدة عن بكرة أبيه و بذل كل نفيس و غال في هذا السبيل و إلا فإن أي جهد يبذل للبناء و التنوير محكوم عليه بالفشل فتنظيم القاعدة لم يعد مجرد جماعة متشددة فحسب بل أصبح فكر أيديولوجي جاذب للكثيرين تحت وطأة الفقر و الجهل و التخلف اللذين يحلقون في سماء العالم العربي دون أمل قريب في زوالهم
تنظيم القاعدة يجد اليوم متعاطفين و مؤيدين في مشارق الأرض و مغاربها حتى و لو لم يتحقق بينه و بينهم أي إتصال ففكره بات الملاذ الأكبر لهؤلاء اللذين طحنتهم الحاجة و العوز و هم يرون أنفسم ذاتياً كأفضل من خطا على الأرض بقدمه في حين يرون الغرب الكافر في رأيهم و هو يرفل في النعم و الملذات و الشهوات و هم محرومون و تأتي غزوات الغرب العسكرية و الفكرية كقشة تقصم ظهورهم و تدفعهم نحو المواجهة و في غياب العقل و التحضر و الفكر المستنير و في غياب العلم و الأفق الواسع تصبح المواجهة حتماً مسلحة فالقتل و التدمير حل وحيد و قريب و واجب ديني و فرض إلهي كما يراه هؤلاء
إن القضاء على القاعدة سيعيد للعالم الأمان المفقود و قد يحول العرب إلى النظر إلى مستقبلهم و بناء حضاراتهم قبل أن ينفد مخزون النفط و ينفد معه صبر العالم المتحضر على وجود تلك المخلوقات المسماة عرباً

السبت، مايو 05، 2007

عندما يجف نبع الحياء

عندما يجف نبع الحياء


ضرب الرئيس الأمريكي جورج بوش أروع الأمثلة في البجاحة و الوقاحة و ما زال يواصل مسلسل عدم الحياء بفظاظة غير مسبوقة فقد استخدم حقه في النقض لتشريعات مجلس النواب للمرة الثانية منذ بدء فترة ولايته ليرفض تشريع الكونجرس بربط تمويل الحرب على العراق بإنسحاب القوات الأمريكية المقاتلة من هناك ، و شتان بين إستخدامه الأول لحقه الدستوري في النقض و إستخدامه الثاني فالأول كان لرفض تشريع بإباحة أبحاث خلايا المنشأ البشرية فيما يعد فعلاً أخلاقياً بينما الثاني كان لرفض قانون ربط تمويل الحرب على العراق بإنسحاب الجنود الأمريكيين منها
يرى الرئيس بوش أن تصاعد المقاومة العراقية لا يفله إلا القوة ثم الإفراط في القوة و هو إتجاهه الفكري اللذي به غزا أفغانستان و فشل في القضاء على تنظيم القاعدة و به غزا العراق و فشل في تحويله إلى دولة ديموقراطية
و يتواصل مسلسل البجاحة البوشية عندما ينتقد الرئيس بوش زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب ( الكونجرس )
لدمشق و محادثاتها مع المسئولين السوريين على إعتبار أن هذه الزيارة تمثل تقويض لسياسات إدارته الهادفة إلى عزل سوريا دولياً رغم تنامي دورها في لبنان و تأثيرها القوي و الغير مباشر على الداخل الإسرائيلي
ثم يواصل السيد بوش هوايته في البجاحة بالمطالبة اللتي أصبحت مملة لإيران بالكف عن تخصيب اليورانيوم حتى لا تتحول إلى دولة تمتلك أسلحة دمار شامل في تحدٍ واضح للعملاق الإسرائيلي اللذي انفرد بالشرق الأوسط فارضاً أسلحته النووية على الجميع و ضارباً بالشرعية الدولية عُرض الحائط
و لكن يبدو أن الإدارة الأمريكية تفتقر إلى الحياء فقد إجتمعت وزيرة خارجيتها في شرم الشيخ بوزير الخارجية السوري وليد المعلم و أجرت معه مباحثات واصفة إياها بالعملية ، و يبدو أنها تناست إنتقاداتها لبيلوسي عندما زارت دمشق ، و في نفس المؤتمر و على مائدة غداء إجتمعت رايس مع نظيرها الإيراني منو شهر متكي و جرى اللقاء بينهما بشكل مقتضب كما أشار وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط و في نهاية المؤتمر غادر متكي حفل عشاء كان يجلس فيه بمواجهة رايس و قد غادره محتجاً على رداء رايس الغير محتشم ( رداء عازفة الكمان الروسية ) و انهالت الإنتقادات الأمريكية على رأس متكي
يبدو أن الإدارة الأمريكية على إستعداد للتضحية بكل شيء حتى أمن إسرائيل في سبيل أمن العراق و حقن دماء الجيش
الأمريكي فيه و هو الأمر اللذي يدركه محمود أحمدي نجاد و يلعب بمهارة على أوتاره مع الإدارة الأمريكية ... لقد إجتمعت الإدارة الأمريكية مع أعدى أعدائها ( سوريا و إيران ) في تنازل واضح عن الغرور و الصلف الأمريكي المعهود للوصول إلى هدف بات مستحيلاً و هو تأمين العراق و بالتالي إخراج جورج بوش من حالة الإحراج الحاد و المزمن اللتي وصل لها في الداخل بتدني شعبيته و مهاجمة رجاله القدامي لإدارته و لنائبه ديك تشيني مالك هاليبرتون المستفيد الأعظم من بترول العراق
ناهيك عن الهزيمة المنكرة لحزبه الجمهوري أمام الحزب الديموقراطي في الإنتخابات التشريعية الأخيرة
كما يبدو أن عدوى إنعدام الحياء قد إنتقلت لتوأم الأمريكي الغير شرعي ( بريطانيا ) لتجتمع وزيرة الخارجية البريطانية مارجريت بيكيت مع منو شهر متكي مع التصريح عقب اللقاء بأنه توجد إمكانية لاستفادة البلدين من علاقة بناءة بدرجة أكبر و لا أشك لحظة أن درس البحارة البريطانيين قد أصاب هدفه و أدرك توني بلير الحجم الحقيقي لإيران و أدرك أيضاً أن إستمرار السير في ظل الولايات المتحدة سيعرضه حتماً لعثرات أكبر من توقعاته
نجحت إيران بقيادة الرئيس الفذ محمود أحمدي نجاد في تغيير الكثير من قواعد اللعبة فالولايات المتحدة و بريطانيا تتراجعان عن مواقفهما المعادية لها و السعودية تبلور دورها عربياً و تتدخل بكل قوة في صراعات المنطقة لمحاولة حلها فتجتمع حماس و فتح هناك ثم تفاوض حزب الله و فؤاد السنيورة ثم وفدي السودان و تشاد .. و تلعب السعودية أدواراً أكبر منها كدولة لأخذ مقعدها في مواجهة إيران الشيعية و اللتي تمثل الخطر الأكبر على الوهابية السعودية
و لكن ملك الأردن كان أكثر وضوحاً من السعودية عندما صرح لإسرائيل بأن عدوهما واحد في إشارة لحزب الله اللبناني و المدعوم إيرانياً و سورياً و بالتالي فقد نجحت السياسة الأمريكية في تأليب العرب على بعضهم البعض ثم فشلت في هزيمة دولة واحدة سياسياً ( إيران ) رغم حشد الدول العربية و الغير عربية
فمن الأجدر بالإحترام و من صاحب نبع الحياء الحقيقي جورج بوش أم محمود أحمدي نجاد ؟



الاثنين، أبريل 02، 2007

هل هي قمة فجر الضمير ؟

هل هي قمة فجر الضمير ؟
جاء البيان الإفتتاحي للملك عبد الله في القمة العربية بمثابة صاعقة لمعظم الحضور في تلك القمة حيث إعترف الرجل و للمرة الأولى بتخاذل القادة العرب و أقر بإنعدام المصداقية بين القادة و شعوبهم فيما يخص القضية الفلسطينية كما أقر جلالته بأن العراق تحت الإحتلال الأمريكي مما قد مضاجع الإدارة الأمريكية و حركها للإستفسار و الإستيضاح حول هذه التصريحات النارية من دولة غدت الحليف الأقرب و الأكثر تأثيراً للولايات المتحدة في المنطقة
و لعل الإعترافات اللتي جاءت متأخرة تكون فجراً للضمير العربي على مستوى قياداته و اللتي أعتقدها قد فوتت فرصة ذهبية و غير مسبوقة لإستغلال الضعف الأمريكي في العراق و في الداخل الأمريكي تحت تأثير الصراع الجمهوري الديموقراطي و في المنطقة العربية بعدما إعترفت أمريكا بحاجتها للمعاونة أمام إيران و الضعف الإسرائيلي الخارجي بعد هزيمتها المنكرة أمام حزب الله و ضعفها الداخلي بين تحقيقات تبحث في أسباب الهزيمة و فضائح فساد أخلاقي بين قياداتها و ضغط من جماعات السلام اليهودية و ضغط الإتحاد الأوروبي لقبول حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية ناهيك عن الضغط النووي الإيراني
و رغم إعتقادي بتفويت الفرصة من أيدي القمة العربية إلا أن تفعيلها للمبادرة العربية دون المساس بها و قوة التمسك بها أمام الرفض الإسرائيلي بل و صيغة الرد على الرفض الإسرائيلي جاؤوا بشكل غير مسبوق و جديد على القمم العربية المعتادة و اللتي تكون بياناتها الختامية في العادة تحصيل حاصل
و رغم أملي و تفاؤلي أمام نتائج هذه القمة إلا أن منطقي المواجه لها لا يخلوا من ظنوني في تلك الوحدة المفاجأة في القرار و ذلك التمسك القوي بالمبادرة و تلك الحالة الجديدة على المملكة العربية السعودية و المتمثلة في لعبها أدواراً محورية إعترفت بها إسرائيل عندما أفاد رئيس وزرائها عن استعداده لمباحثات مباشرة مع السعودية ، تلك الوحدة لم تأت من فراغ و لا هي صحوة ضمير من أجل الحق كما أظن بل إن التهديد الإيراني المدعوم صينياً و روسياً مثل الشبح اللذي جمع الشتات لمواجهته بأسلحة التطبيع و إصلاح ذات البين
و على كل الأحوال فإن الرياح الدولية اليوم في صالح العرب و فلسطين بشكل غريب و إذا لم يستغل العرب قوتهم الناتجة عن ضعف الآخرين في هذه الفرصة فلن تتكرر

الجمعة، مارس 30، 2007

التعديلات الدستورية

التعديلات الدستورية
بعد بحث غير متحمس توصلت لصياغة التعديلات الدستورية الجديدة و هي تخص 34 مادة من الدستور المصري و لي على الصياغة ملاحظة و هي أن اللغة المصوغة بها التعديلات تحوي نوع من الركاكة و عدم الإهتمام بالألفاظ و أعتقد أن هذا ناتج من السرعة في وضع الصيغة الجديدة فضلاً عن التقيد بفلسفة محددة للتعديلات أرغمت المشرع على التقيد بها في صياغة المواد المعدلة
و فلسفة التعديلات أراها تحمل توجهين لا ثالث لهما و هما :
أولاً إلغاء الإشتراكية
ثانياً القضاء على الإخوان المسلمين في محفل السياسة و المجتمع
إلغاء الإشتراكية جاء بعد الوضع الحرج للحكومة و مؤسسات الدولة بعد بيع القطاع العام و بالتالي تقلص موارد الدولة إلى حد ما ناهيك عن الفساد اللذي يستنزف الموازنة العامة للدولة مما يجعل الدولة غير قادرة على الوفاء بإلتزاماتها خاصة الدعم بشتى صوره هذا فضلاً عن أن الرأسمالية سياسة إقتصادية رائعة تجعل النمو الإقتصادي سريع و قوي و لكن التوقيت اللذي أختير فيه التحول من الإشتراكية للرأسمالية جاء مبكراً عن موعده المناسب فللتحول للرأسمالية يجب القضاء على الفساد و القضاء على الأمية خاصة الأمية السياسية و الإقتصادية كما يجب تحرير السوق من قيود الحكومة - مؤقتاً - مثل الضرائب الغير مبررة كضريبة المبيعات و الجمارك المبالغ فيها تحت مبرر حماية الصناعة الوطنية رغم عدم وجود صناعة وطنية مائة بالمائة .. كما يجب رفع مستوى المعيشة لطبقات الشعب الدنيا لتحريك السوق و توفير خدمات على كافة المستويات أهمها التعليمية و الصحية بما يفي بمتطلبات المواطنين من كافة الفئات و في ذات الوقت لا يحمل الدولة أعباء جديدة .. و أيضاً يجب حماية الضرائب من التسرب و من الفساد مع تحديد نسب ضريبية متفاوتة تتناسب مع دخول أصحابها .. بإختصار فإن التحول من إشتراكية و دعم شبه كامل إلى رأس مالية و إقتصاد يعتمد على السوق و العرض و الطلب لا يمكن القيام به الآن قبل تحقيق الحد الأدنى من الأمان الإقتصادي للشعب و طبقاته كافة
و لكني أؤيد هذا التحول اللذي سيفسح المجال للإستثمار الأجنبي رغم قوانينه المجحفة لمصر و رغم قوانين العمل الغير عادلة بالمرة إلا أن الخطوة في حد ذاتها كبيرة و سديدة
و الجدير بالذكر هنا أن النهوض بالدولة نحو التطوير يجب أن يمر بخطوات التنازل عن العاطفية الدستورية و النعرات القومية الفارغة و هي آفة قوية الإنتشار في مجتمعنا المصري و على سبيل المثال إستهداف رؤوس الأموال الأجنبية - الكافرة و اليهودية - رغم خدمتها الأكيدة لإقتصادنا و مجتمعنا و شبابنا
أما القضاء على الإخوان المسلمين فهو هدف الحكومة بعد أن تبين لها تغلغل الإخوان في المجتمع بشكل مخيف فضلاً عن سيطرتهم التامة على جميع النقابات تقريباً و إتجاه الشعب إلى تأييدهم بعد يأسه من الحكومة خاصة أنهم يرفعون شعار الإسلام و هو ما يستقطب الغالبية العظمى من المصرين بغض النظر عن التوجهات الحقيقية للإخوان و بغض النظر عن تاريخهم الغير مشرف مع الأنظمة الحاكمة على مدار أكثر من 80 سنة هي عمر الإخوان في مصر
و كما قال كارل ماركس فإن الدين أفيون الشعوب أي مخدرها و مغيب عقولها فكل من يرتدي عباءة الدين و يمتلك قشرة من الثقافة الدينية يمتلك الصح المطلق في جميع أحواله و ذلك في نظر الأميين و الجهلاء .. و بالتالي فإن الخطر الداهم من قوة شوكة الإخوان يستوجب وقفة لتحجيمهم و إعادتهم لطبيعتهم الدينية البعيدة عن السياسة
أما النادبين و النابحين و القائلين بأن التعديلات الدستورية تمهد الطريق للتوريث فهم قصيري النظر كثيراً فكل ما جاء في التعديلات بما فيه توسيع سلطات رئيس الوزراء و وضعه الغير شرعي كحاكم مؤقت في غياب الرئيس لكون رئيس الوزراء معين و ليس منتخب .. كل ذلك جاء تحسباً لنمو إخواني برلماني قد يصل بهم لرئاسة البرلمان يوماً ما و هو أمر وارد في ظل النمو الشعبي المطرد اللذي يتمتعون به .. كذلك سلطة حل البرلمان دون الرجوع للشعب لنفس السبب السابق ذكره
يدل الخوف المرضي من الإخوان على إتساع الهوة بين نظام الحكم و بين الشعب و نشوء أزمة ثقة كبيرة بين الطرفين و هو ما لا يبشر بالخير في المستقبل القريب مما يحدوني إلى أن أأمل في أن يستشف النظام هذه القراءة و يعمل على تصحيح الأوضاع حتى يفوز بالمعركة اللتي أوشكت على جولتها الأخيرة
و نأتي لموقف المعارضة و اللتي أصبحت - بإيعاز إخواني - تعارض كل شيء و أي شيء يصدر عن النظام مما أفقدها الموضوعية و المصداقية معاً و جعل من الشرذمة شراذم و تفرقت الإتجاهات و ناصبت العداء لبعضها البعض .. و قد أتى ذلك التوجه نتيجة الإلتفاف الشعبي العارم حول المعارضة و نمو الإخوان و تعاطف الجماهير معهم على إعتبار أنهم مستضعفين و لا أجد فيمن يصف النظام بأنه في موقف حرج أو أوصاف من هذا القبيل .. لا أجده أصاب الحقيقة فالنظام يتعامل بطريقة ردود الأفعال و ليس بطريقة ممنهجة مدروسة و هو خطأ و لا شك و إن كانت التعديلات الدستورية رغم كونها ردود أفعال إلا أنها بداية طريق ممنهج مدروس لضبط آلة الدولة و كلي أمل أن يستغل المشرع هذه التعديلات في صياغة قوانين صالحة تتجه بنا إلى بر الأمان كما أنني كلي خوف أن تستمر سياسة ردود الأفعال و تتحول مصر إلى معركة بين النظام و الشعب و لن يخرج من تلك المعركة رابح واحد
و من الملاحظ أن هامش الحرية اللذي حصلت عليه الصحافة و المعارضة تحول إلى سياسات قذف و سب و إتهام بالباطل بجانب الإهانات و الإستخفاف برموز كبار و هو ما أراه طبيعياً تحت وطأة الأمية الثقافية و اللتي تدفع بحاملها نحو مهاجمة الشخصيات كشخصيات و ليس كأفعال و رموز
و كما حصل الشعب اللبناني على الديموقراطية فأساء إستخدامها و تحولت لبنان إلى بلد المليون زعيم و بلد المعارك السياسية اللتي تضر حتماً بالدولة شعباً و حكومة و إقتصاد نتجه نحن في نفس الطريق لنتحول إلى مجموعة من الأطفال نبكي و نصرخ و نصخب و نرد الصاع بالصاع .. قد يكون السيد أحمد نظيف رئيس الوزراء محقاً إلى حد ما في وصف الشعب المصري بعدم النضوج السياسي .. و لا أنكر أن الحكومات المتعاقبة لها قصب السبق في الوصول بالشعب إلى هذه النتائج و لكن أعتقد أن الوقت قد حان للتغيير و التحول إلى الرقي و الموضوعية و الحياد ... فقط حان الوقت و لكن هل سيتم الإنتباه إلى هذه الفرصة أم لا ؟ .. هل سيتحول الشعب من نصف أمي إلى نصف مثقف أم لا ؟ هذا هو السؤال

السبت، مارس 17، 2007

عن الدستور سألوني ..

عن الدستور سألوني ..
التغيير حاجة جميلة جداً خصوصاً لما يكون تغيير جلد .. و تغيير أسلوب الكتابة من لغة عربية فصحى جامدة صلبة منفرة للغة عامية قريبة من القلب شيء جميل و مشجع على القراءة
كمان تغيير الملابس من صيفي لشتوي و العكس و من قميص لتي شيرت و من بدلة لجاكت و من بنطلون لشورت .. كل ده جميل و لذيذ و ابن حلال مصفي
فاضل تغيير الحالة المزاجية بعد ما غيرنا أسلوب الكتابة و غيرنا الهدوم بس المشكلة إن الهدوم و الكتابة شيء في إيدينا نقدر نقلع و نلبس و خلوا بالكم من كلمة نلبس لإننا ساعات بنلبس و ما نقدرش نقلع و ساعات بنلبس و احنا لابسين .. أهو زيادة الخير خيرين .. و الكتابة نقدر نغيرها بسهولة حتى لو حبينا نكتب بلغة الماو ماو ممكن نتعلمها و نكتب بيها لكن تغيير الحالة المزاجية من قرف و يأس و إحباط و تشاؤم و رفض للحياة .. إلى عكس كل ده شيء مش سهل و تقريباً شبه مستحيل تغييره بإيدينا .. و زي ما إيدينا عاجزة عن التغيير كمان ما لهاش ذنب في وصولنا للحالة دي
الدستور المصري قالوا هيغيروه .. طيب ما هو جميل جداً انه يتغير و هي الناس معترضة ليه على تغييره هو التغيير وحش ؟
بالعكس التغيير جميل للي عايش فيه .. و الدستور في لغة العامية هو التنبيه لما يكون الواحد داخل بيت فيه حريم و خايف عينه الطاهرة تقع على حرمة منهم يقوم يشيل ذنب عدم غض البصر و مين عارف يمكن تحصل نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء و على القاريء أن يعذرني في عدم تنوين الكلام لأني قرفان حبتين
و لما كنا بنتكلم بالبلدي فلازم كمان نقول الدستور بالبلدي و قد سبق شرحه .. نرجع بأه لدستور البلد اللي هو مش بالبلدي لا ده باللغة الفصحى و الدستور ده يختلف عن الدستور بتاع نظرة فابتسامة لان دستور البلد هو القاعدة بتاعتها .. عمركو شفتو بلد من غير قاعدة ؟
طيب المسئولين تفضلوا مشكورين و أعلنوا إنهم هيغيروا الدستور .. و انا شخصيا عرفت بالصدفة - أيو الله بالصدفة - إن عدد المواد اللي هيغيروها في الدستور 34 مادة .. و قالوا كمان إن المواد اللي هتتغير هتتعرض على الشعب قبل ما تتغير عشان الناس تقول رأيها في التغيير .. و بصرف النظر شوية عن حكاية رأي الناس اللي هي مشغولة بترتيب الأهلي في الدوري و فاضل له كام نقطة عشان ياخد الدرع الميمون بتاع الدوري و ناس تانية مشغولة بأسعار الفراخ اللي أصبحت زائر عزيز على موائد المصريين و ناس تالتة مشغولة بقروض البنوك اللي بقت متاحة لكل مين هب و دب بس المهم ما يكونش من محدودي الدخل يعني لا يقل مرتبه عن 1200 جنيه و ناس رابعة عايزة تتجوز و مش عارفة و ناس خامسة متجوزة و عايزة تنفصل و مش عارفة و ناس خامسة مش لاقية تاكل من أصله و ناس سادسة عايشة في رعب بسبب إنهم بيشتغلوا في قطاع خاص و قانون العمل الجديد الله يعمر بيته بيخول صاحب العمل إنه يبيع و يشتري في العمالة اللي عنده و يرفد و يعين و يلعب معاهم بالبيضة و الحجر و لا حد يقدر يقول له تلت التلاتة كام و ناس سابعة لسة عايشة في إشتغالة أكياس الدم المغشوشة و متابعاها عن كثب و ناس تامنة ثائرة و وشها أحمر و صوتها عالي عشان مذبحة الأسرى المصريين و ناس بتصرخ من أسعار الشقق و إيجارات المحلات و ناس بتصوت من أسعار مواد البناء و ناس بتلطم من الأمراض المزمنة
الناس بقت بتشحت من بعضها و الشحات بيختار أفقر ناس عشان يشحت منهم .. تلاقي الشحات من دول راح طالع أوتوبيس أو مترو و هو ماسك ورقة و يقولك أنا عندي شلل أطفال و مش لاقي أتعالج و اللي عنده فشل كلوي و اللي عنده الكبد و خد من المنقي خيار طول ما انت خارج البيت .. الله .. طيب ما هو اللي انت بتشحت منهم دول يا عم يا شحات كل واحد فيهم بيتمنى يشحت زيك ده إذا كان مش شحات زيك بالفعل .. ثم الفساد بتاع درج الموظفين اللي بيتفتح عشان طالب الخدمة يتبرع فيه بالشاي بتاع الموظف اللي هو كمان بدوره هيتبرع و يخلصلك ورقك ده سببه إيه ؟ ده سببه إن الموظف مش لاقي ياكل و لا يأكل أولاده و لا يعيشهم و لا يعلمهم و لا يلبسهم و لا يعالجهم .. مش هقولك انه عايز يصيف مثلاً أو عايز يخرج خروجة جامدة هو و المدام و الأولاد و يقعدوا على قهوة الفيشاوي في الحسين و الراجل يدفع نص مرتبه في اتنين شاي و واحد سحلب و شيشة مشروبة قبل كده
المدرس الوحش الشرير اللي بيدي دروس خصوصية و كمان بيدفع العيال عشان ياخدوها بيعمل كده ليه ؟ ما هو الراجل مش لاقي ياكل يا اخواننا و محتاج فلوس عشان يعيش زي بقية العالم ما هي عايشة .. هو كون الإنسان يمتلك سيارة و شقة واسعة و رصيد في البنك و وظيفة محترمة و يقدر يشتري اللي بيتمناه و يقدر يسافر في رحلات سياحية داخل أو خارج البلد ده يسموه إيه .. ترف .. رفاهية .. أهو الترف و الرفاهية دول من أبسط حقوق الإنسان عشان يقدر هذا الإنسان ينتج و يعيش و يكون كامل الأهلية و الشخصية .. إذا الإنسان ما لاقاش العلاج المناسب لأمراضه هتكبر و تزيد و تبقى كوارث .. إذا ما عرفش يعلم أولاده تعليم محترم هيبقوا حرامية و نصابين و قطاع طرق و متحرشين بالنساء إذا ما عرفش يتجوز هيزني و ينحرف و يدور له على واحدة يقف معاها على كورنيش النيل و يركبوا مع بعض الأوتوبيس المكيف
نرجع للدستور تاني .. السادة المسئولين قالوا هيغيروه لكن لا قالوا إيه هي المواد اللي هتتغير و لا إيه هو التغيير و لا الفكر و الفلسفة و الآليات اللتي ستؤدي إلى التغيير .. يعني أنا كل اللي أعرفه إن الدستور هيتغير و أعرف كمان إن 34 مادة منه اللي هيتغيروا لكن لا أعرف المواد و لا تغييرها هيكون إيه .. طيب فين مشاركة الشعب في صنع القرار .. بلاش صنع القرار .. المشاركة في التغيير حتى و نبقى عارفين هيحصل ايه

الهروب إلى الجحيم

الهروب إلى الجحيم
تعلمنا منذ الصغر أن الهروب يمثل عار على فاعله فهو يجبن عن مواجهة الواقع فيولي وجهه شطراً آخر و يتجاهل أو ربما يتناسى واقعه اللذي يتهرب منه و قد يكون واقعاً مريراً ناتج عن صلف و غوغائية أدت إليه و بالتالي فالفاعل جدير بالعقاب و بالعثرات اللتي هرب منها و يستحقها عن جدارة و قد يكون واقعاً قدرياً لا دخل للفاعل فيه و لا ناقة له و لا جمل في تقريره و تقديره بل أتى دونما تدخل لا من قريب و لا من بعيد كمن تصدمه سيارة فلا تقتله و لا تتركه يعيش بل تضعه في حال بيني بين الموت و الحياة ليحيا نصف ميت أو نصف حي .. و لا تقتصر حياة النصفية على صدمة السيارة و لا على الأضرار الجسدية المؤلمة و الجارحة بل قد تكون أقل و أخف كثيراً من الأضرار النفسية اللتي هي مثار العلاج و الأبحاث من أقصى الأرض لأقصاها عندما تكون ناتجة عن ضرر جسدي أو معنوي .. و تبقى الأقدار أقوى المسببات لأحوال منتصفي الحياة و منتصفي الموت فحتى من يتصفون بالعناد و الحيوية يصطدمون يوماً ما بحقيقة مريرة عندما يجدون أنفسهم و ربما قلوبهم رهن أيدي الضعاف الغير قادرين على مواجهة الواقع و تحديه .. و قد يكونوا بضعفهم قاتلين لقلوب تعلقت بهم و ما بأيديهم حيلة
هؤلاء الضعاف ليسوا قابلين للتغيير مهما استبد بهم الحال و زاد على كاهلهم الظلم و لا أدري حقاً كيف يستطيعون أن يحيوا هكذا حياة .. لا أدري كيف يتحملوا القمع و فرض الإرادة مهما كان مصدرهما فالظلم و سلب الإرادة حقيقة واحدة أياً كان فاعلها أباً كان أو حكومة أو نظاماً أو قانون .. النتيجة واحدة و شديدة السواد و المرار ... لا أدري كيف لا يثورون لحقوقهم و لتحقيق أبسط آمالهم و تحرير إرادتهم من محتكريها بدعوى الوصاية و المصلحة و العقلانية المزعومة و المنطقية ذات الوجه الواحد .. لا أدري كيف ينظرون إلى حاضرهم و مستقبلهم اللذي لا يُرى فيه خيراً طالما الحياة بالنسبة لهم ما هي إلا إعتماد على الغير ممن يدعمونها بالمال و بالفكر و بالتوجيه و بالنصح .. لا أدري لماذا لا يفكروا ملياً في مواقف قد يفقدون فيها من يعتمدوا عليه للأبد فماذا هم فاعلين ؟
إن الإنسان يأتي إلى الدنيا فرداً و يتركها فرداً و يواجه مصائره الحيوية فرداً حياً و ميتاً و تبقى المنطقية الشخصية و العقلية الفردية الأساس القاعدي في ردود الأفعال الطبيعية و ليس الوصاة هم من يملون علينا تصرفاتنا في المواقف الفردية اللتي تواجهنا كما أن هؤلاء الوصاة ليسو مخلدون في هذه الدنيا و ليس ارتباطنا بهم رباط دموي عضوي حتى لا ينفصل يوماً ما .. هذه هي نظرتي لهؤلاء الضعاف و وجهة نظري في الحياة
و عندما تكون الأقدار هي المسبب الرئيسي لحالة نصف الحياة و نصف الموت يبقى العجز عن تغيير الحال هو الوضع السائد و مهما كنا أقوياء و قادرين على التحكم بإنفعالاتنا نقف أمام القدر عجزة مشلولين مسلوبي الإرادة .... بل أن التخكم القدري المعجز يكون أكثر عمقاً في تأثيره على الأقوياء منه على الضعفاء ذلك أن الأقوياء لا يرضون إلا بما يرضيهم و عندما يصيبهم القدر في مقتل فإن العجز عن مواجهته تترك في أنفسهم جراح عميقة لا تندمل بسهولة و قد لا تندمل أبداً و تصبح من الآثار الغائرة في تكوين شخوصهم و من مقومات بناء فكرهم و قد تذهب إلى جعلهم شخوص مستسلمة غير مبالية و لا آبهة بأي شيء عظم أو صغر فعندما تتحطم الآمال جميعها و تتبخر الأحلام كلها تصبح كل الأرقام مساوية لبعضها و يختفي المنطق الرياضي من حياة الإنسان و تتساوى ردود أفعاله أمام كل شيء فكل شيء سواء
و في النهاية تبرز فكرة الهروب من الواقع المؤلم إلى واقع أكثر إشراقاً و لما كان الأمل في الإشراق بات مقتولاً فلا بأس من خلق واقع خاص جداً مشرق و لو للحظات فليحصل كل منا على حلمه المدمر على طريقته الخاصة إما بالإنحراف أو بالإنتحار فليكن هروباً حتى لو كان إلى الجحيم

السبت، مارس 03، 2007

الفوز باللذات .. أم الموت بالحسرات ؟

يفوز باللذات كل مغامر و يموت بالحسرات كل جبان ... قول مأثور يبين أن الشجاعة و الجرأة عاملان حيويان لبلوغ المنال ، بداية لابد منها للولوج في صلب الموضوع اللذي أثارته في وجداني مجرد أغنية للعظيمة نجاة الصغيرة كتبها المبدع الرقيق حسين السيد و لحنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب و هي أغنية " ساكن قصادي و بحبه "
يوضح سياق الأغنية حالة حب جارف من فتاة لرجل يجاورها السكن و لكنها لا تستطيع مصارحته بمشاعرها و تظل تكتمها و تراقبه و تنتظر أن تسنح الفرصة لمجرد السلام عليه أو مكالمته بصفته جار لها و تظل تقاسي عذاب الحب من طرف واحد مع تجاهله لحبها لكونها لم تصرح أو حتى تلمح به و هو لا يدري عنه شيء ... ظلت الفتاة تتابعه حين غدوه و رواحه و يكبر في قلبها الحب تجاهه و تحلم به زوجاً لها و تفكر أنه قد يشعر بها حين لقائها و لكن عبثاً فكرت و حلمت .. حتى استيقظت ذات يوم على حفل زواج لم تدر أنه لجارها الحبيب و فوجئت بأنه عرسه
ثم ذهبت الفتاة لحضور العرس و هي تعتصر الحزن من قلبها الصغير و كم شعرت بفداحة المصاب حين رأت حبيبها يجاور عروسه و يداعبها و علمت أنها النهاية الحزينة لحبها الكبير لجارها و تأكدت أن غيرها قد أصبح الآن أحق به منها
إلى هنا تنتهي الأغنية و تتركنا نتأمل في حال الفتاة و كيف أصبحت بعد صدمتها القاسية في مشاعرها .. و أجد نفسي أمام مجموعة تساؤلات بعد أن استمعت لتلك الأغنية و هي لماذا لا تجرؤ الفتاة على مصارحة من تحبه ؟ و لماذا تنتظر حتى يشعر هو بها و قد يطول انتظارها حتى يتزوج المحبوب من أخرى ؟
و لماذا الخلط دائماً بين فلسفة الحب و فلسفة الزواج في مجتمعاتنا العربية ؟
كبداية يجب أن أتطرق للنظرة الأنثوية للمشاعر الذاتية و للمشاعر المقابلة فكل شخص يحكم بشكل نوعي ذاتي على الآخرين دون الوضع في الإعتبار أن هناك إختلافاً كاد أن يكون جوهرياً في التكوين النفسي و الفكري بمعنى أن الأنثى لا تستطيع تغيير إحتمالات ردود أفعال الذكر تبعاً لإختلافه النوعي و تكتفي بالحكم عليه بناءاً على خلفياتها الفكرية المبنية حتماً على نوعها الجنسي و بالعكس أيضاً تكون إحتمالات ردود الأفعال لدى الرجل مبنية على قواعده الفكرية النوعية ، قد يكون إدراك هذه المسئلة أعقد قليلاً من إدراك الإختلافات الفكرية بين أبناء النوع الواحد
و للموروثات الإجتماعية في شرقنا العربي دور كبير في توجيه عجلة الأفعال لدى الجنسين و لها أيضاً دور في رسم طريق يوشك على الثبات مهما تغيرت الشخصيات و تبدلت الأفكار و هذا ما نطلق عليه العادات و التقاليد و هو أمر مقيت يجبر الإنسان على تأطير نفسه في قالب محدد بغض النظر عن الرغبات الشخصية و النوازع الفكرية الأخرى مما يجعله يخضع صاغراً للأصول الإجتماعية المعتادة و يضحي بكل معاني الحرية من أجل ممارسة حياته الطبيعية
و في شخصية الأنثى الخجولة لدرجة التضحية بسعادتها و قتل مشاعرها النامية لنا الكثير من النقد و التعليق فإن كانت نهاية العالم بالنسبة للمرأة هي أن تعترف بمشاعرها لرجل لا يبادلها نفس الشعور فلا شك أن نهاية حياتها و سعادتها هي الصمت على مشاعرها حتى تضيع كل الفرص في نيل حب عمرها و سعادتها الأبدية .. أي أن الإعتراف بالحب و إن لم يكن متبادلاً أجدى من كتمانه حتى يموت الأمل بضياع المحبوب
و الجدير بالتأمل أيضاً أن الظروف بشتى مسمياتها قد تختلف بين إثنين مما يدفع أحدهما لكتمان أو نفي مشاعره تحسباً لمشكلات عائلية قد تنجم إذا باح كل طرف للآخر بما يكنه له خاصة و أن الزواج هو النهاية الطبيعية المفترضة لكل علاقة حب أو هكذا ينظر المجتمع لنفسه .. و لكني أرى أن اختلاف الظروف ليس بالأمر القاهر للتضحية بالسعادة في الحياة فالمشاعر عندما تقترن بمشاعر أخرى تكفي و تزيد لخوض معترك الحياة أياً كانت التحديات بينما الظروف إذا اقترنت بظروف فسرعان ما تتغير و تتبدل و ينتهي القران نهاية حزينة أي أن إقتران المشاعر هو الأصل في علاقة الحب فبالمشاعر تتولد المودة و الرحمة و منها تنبع الغيرة و الشوق و فيها تكون اللهفة و الحنين بينما الظروف أي الفقر و الغنى أو الثراء أمور تفتقر إلى الديمومة كما تفتقر أيضاً إلى الإنسانية فالإنسان كائن حي يولد و يموت بنفس الكيفية على إختلاف الدرجات و المناصب ... و بصفة عامة فإن الظروف مادية كانت أو إجتماعية لا تمثل مقياساً حقيقياً لضمان الصحة و السلامة لعلاقة الزواج فالأكثر أهمية هو الشخوص المتعايشة مع بعضها البعض و كم تكن لبعضها من مشاعر و طبيعة هذه المشاعر
قد يرى البعض أن كلماتي تتطلع نحو قلب موازين الحياة و تطلب أن تنعكس الأوضاع من حيث خجل الأنثى و جراة الرجل ولهؤلاء أقول أننا كمجتمع يستمد خطوات حاضره من ماضيه نعيش على التراث الإجتماعي بإعتباره الصحيح المطلق و الحقيقة المجردة الناصعة السليمة لخوض عباب المستقبل في حين أننا نتناسى أن من وضع ذلك التراث الغابر هم بشر مثلنا و أجداد لنا و ليست القضية قضية تكوين النفس الإنسانية و طبيعتها بدليل أن غيرنا كعرب من شعوب و ثقافات تنتهج طرق أكثر جدوى و أوضح أهدافاً مما ننتهجه نحن و هذا يكفي ليدل على أننا نسجن أنفسنا داخل أطر قد وضعها لنا سابقون رغم أننا نملك مقاليد تغييرها بأنفسنا إلا أننا نكتفي بالتقليد و المحاكاة على إعتبار أنها الأصول و العادات و التقاليد الصحيحة ناهيك عن المخاوف الطفولية اللتي تملأ قلوب السذج من إختراق تلك القواعد الإجتماعية
و لابد هنا أن نوضح الإختلاف الجوهري بين فلسفة الحب و فلسفة الزواج ... الحب هو إقتران روحي ناتج عن تطابق في ميول و نوازع شخصية تمثل الكثير للطرفين مما يؤدي إلى راحة نفسية كبيرة في الإجتماع و تطلع نحو حماية الطرف الآخر من المكاره و يعتمد الحب في المقام الأول على الحرمان و المسافات الفاصلة سواء كانت مكانية أو زمانية و هو الأمر اللذي يدفع بالطرفين نحو تعويض الحنين في اللحظات القليلة للقاء أياً كانت صور هذا التعويض .. و بطبيعة البشر ينحو الطرفان نحو تمام الإقتراب المكاني و الزماني بينهما حتى يصل شعور الراحة النفسية للكمال مما يحدو بهما نحو التطلع للتعايش الدائم و بالتالي يكون الزواج
بينما الزواج هو في حقيقته وسيلة من وسائل التناسل و التكاثر و يحمل في ثناياه أمور تدعم التعايش البشري كعامل الإستقرار و تقسيم المهام الغير نوعية بين الطرفين ... و لما كان الإجتماع بين طرفين مختلفين نوعياً تترتب عليه آثار إجتماعية فكان لابد من وضع أسس و قواعد لتنظيمه فالإختلاف بين البشر كبير و كثير و لولا الإختلاف البشري لما وجدت القوانين و القواعد

الخميس، مارس 01، 2007

فضفضة

في كل شيء أرى اليأس و القنوط ... جملة أبدأ بها لا أشك لحظة في كونها سبباً وجيهاً لنفور أي قاريء سيقرأ هذا الموضوع .. و لكنها حقيقة واقعة أمام عيني أزداد بها قناعة يوماً بعد يوم و لحظة بعد لحظة ، لا أمل في شيء و لا بصيص من الضوء في الأفق البعيد أو القريب
منتدى الشباب
أول مكان يرى مناقشاتي على الفضاء الإليكتروني و ليس غروراً أن أقرن هذا المنتدى بمناقشاتي و ليس العكس فهو معقل التخلف و الرجعية و مدرسة الغباء الغير محدود و مصنع الحماقة و الإنحياز الأعمى المتخلف عقلياً و حضارياً و ثقافياً و فنياً ، هو مثال صارخ على المستوى المنحط الدنيء اللذي وصلت له أخلاقنا من تقية و نفاق و رياء و مسح جوخ و ديكتاتورية و فرض الرأي و الإرادة الفردية الغير مسئولة بالمرة ، يقوم عليه و يديره شخص مثير للشفقة حقاً و صدقاً رغم شدة رجعيته و تخلفه إلا أن السذاجة الغير مسبوقة اللتي يتمتع بها تثير الشفقة عليه و على كل من يتعلق في مسئوليته ، و رغم حصوله على إجازة بالفتوى فضلاً عن الدكتوراة في مجال الحاسب - على ما أعتقد - إلا أن عقليته اللتي غلفها الضباب بل الظلام تأبى أن تخرج من قبرها تحت أطنان الثرى الندي اللذي أصابها بالتعفن و التحلل فهو لا يقبل المناقشة أو بالأحرى غير قابل للمناقشة و قد ساعده على ذلك إمتلاكه لكيان تجاري يرزح تحت إمرته عليه كل مسئول في منتداه و عليه فإن كل شخص ينتقيه لتحمل جزء من مسئولية منتداه يجب أن يكون نسخة طبق الأصل من فكره الظلامي المتخلف ... إنه يرفض أي شكل للإختلاف ليس معه فقط بل مع فكره في كل شيء فهو صاحب خط محدد فكرياً يرى أن الدنيا لا قيمة لها بجانب الآخرة - رغم عمله الدؤوب للدنيا - و بالتالي فمن الأفضل بل من الإيمان تركها بعلومها و فنونها و حضارتها و كل ما فيها من فضائل و شمائل و الزهد فيها طلباً للآخرة و هو فكر ساد كنتيجة طبيعية للفقر و الجهل الشاملين و إنعكاس طبيعي لضيق الحياة على كل البشر في عصر إما أن يقتل الضعيف فيه نفسه أو أن يصدع للقوي فيه
لا أفضح سراً حين أقول أن نزوع العامة نحو التدين السطحي القشري ناتج طبيعي للفقر و الجهل و الأمراض النفسية اللتي خلفها القمع الثقافي و العلمي و الإجتماعي اللذين تفشوا في معظم البلدان العربية لأسباب سياسية تعلقت بأهداب الدين لتستمد شرعيتها و تنال النجاح الجماهيري الساحق
اللذي من المفترض أن يندى له جبين المتدين العصري أن يقف أمام سائل بلا علم شرعي قشري للرد عليه أو أن يجد نفسه ذاهلاً أمام حقيقة تاريخية تطرحها مناقشة بحثية دينية دون أن يجد في جعبته الحد الأدنى من العلم بها ثم يعود ليتعلق بالدين !
لقد نجح هؤلاء في تحقيق نتيجة واحدة لم يكونوا ليسعوا إليها أبدا و هي تحويل الليبراليين المسلمين إلى علمانيين أعداء لكل ما هو ديني أو متدين كنتيجة لتعصبهم الصارخ المفتقر إلى أي قواعد علمية تقيم من أوده و بانتشار القشرية الدينية انتشرت القشرية العلمانية كرد فعل طبيعي لها
فقهاء الرصيف
أينما وجهت وجهك تلتقط أذنك صوتاً لفقيه يصدر من كاسيت يتحدث عن عذاب القبر أو خلق الإنسان أو المهدي المنتظر أو علامات الساعة أو غيرها من الموضوعات اللتي تزخر بها شرائط الرصيف لأشخاص إما مجهولو الهوية و إما متسطحي العلم ، و يشتد الإصغاء للدرس كلما أجهش المتحدث بالبكاء كدليل على إيمانه العميق و ورعه المخلص لما هو قانع به و يتحدث فيه
لن أتطرق هاهنا لإشكالية أحاديث الغيبيات كالمهدي المنتظر و علامات الساعة و عذاب القبر حيث أن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يكن يعلم الغيب حتى يتحدث عنه و ينبيء به و إنما سأكتفي بالآثار الناتجة عن هذه الشرائط اللتي أصبحت تنخر في جسد المجتمع و تدفعه نحو الإنتحار و الشقاق و التصادم فهي إن لم تحرض على الفتنة فهي تغيب العقول و تدخلها في سبات عميق فتنسى تحديات العصر أو تتناساها و تزهد في الدنيا دونما علم بمعنى الزهد بل و تزهد في العلم و الثقافة فضلاً عن زهدها الإجباري الناتج عن ضيق ذات اليد و غلاء كل ما هو متاح للعلم و التعلم و فضلاً عن منظومة تعليم مصرية تحتضر يوماً بعد يوم و تنتج لمصر أنصاف أو أرباع متعلمين يتفوق منهم نسبة أقل من أي معدل عالمي و تفوقهم غالباً يرجع لظروف مادية عالية
في مترو الأنفاق
ليس فقط في مترو الأنفاق بل في كل المواصلات العامة أصبح عادياً أن تجد نصف الجالسين و الجالسات و الواقفون أيضاً يفتحون المصاحف و يقرأون القرآن ... شيء رائع حقاً أن أجد مثل هذا الكم من العارفين بالله أو قل القريبين من الله ... في إحدى المرات سنحت لي الفرصة بمحادثة أحد هؤلاء القراء للقرآن و كان قد قرأ تواً آية اللعان فسألته عنه فسكت !
و لما استفسرت عن صمته وجدته لا يعرف ما هو اللعان فظننت أنه لا يعرف المسمى و لكن المؤكد أنه يعرف الحكم الشرعي .. و ذهلت حين علمت أنه لا يعرف المسمى و لا الحكم الشرعي و لا يعرف أي شئ يتعلق باللعان و كانت المفاجأة أن هؤلاء القراء لكتاب الله و دستور الإسلام و قانون حياة المسلمين يقرؤونه للتبرك و نيل الحسنات دون إدراك لمعانيه و أحكامه و يالها من طامة
أليس من الأجدى أن يقرأ هؤلاء كتاب الله بفهم و تركيز فعلى الأقل سيعلمون من دينهم الكثير مما يجهلون ؟
أليس من الأحرى أن يقرأ القاريء ما يفيده كأن يقرأ قصة أو جريدة بدلاً من قرائته لكتاب لا يفهم منه شيء و إنما للتبرك به فقط ؟
و الظاهرة الأخرى في المواصلات العامة أن تجد أحد الشباب و قد جهر بقراءة القرآن و علا صوته رغم تأفف من يجاوره و ليس القرآن فقط بل دأب الكثيرين على تشغيل موسيقى أو أغنية من موبايلاتهم و رفع الصوت ليسمع الجميع رغم أنوفهم ما يستمع له هو و يالها من حياة تلك اللتي تجبرك على الإحتكاك بالآخرين و تحملهم رغماً عن أنفك
الإخوان المسلمون
قيل و يقال و سيظل يقال أن الإخوان المسلمين يشكلون خطراً على مستقبل هذا البلد و أنا أؤيد تلك المقولة تأييداً تاماً و لكني لا أؤيد الهجوم الغير موضوعي و الأجوف و المغرض اللذي يتعرض لها الإخوان آناء الليل و أطراف النهار في وسائل الإعلام بمختلف أشكالها و توجهاتها فهم رغم أخطائهم لم يرتكبوا جرماً يستحق كل هذا التقريع و الهجوم بمناسبة و بدون مناسبة بل أن تنظيمهم و تكتلهم - الناتج عن يأس غالبية الشعب و بالتالي إلتفافه حولهم - يستحق التقدير و الإحترام و يبعث الغيرة في نفوس الأحزاب و التنظيمات السياسية الأخرى اللتي فشلت على مدار نصف قرن في صناعة قاعدة شعبية تضاهي نصف ما صنعه الإخوان و رغم أخطائهم فهم لهم الكثير من الأيادي البيضاء متمثلة في مؤسسات و جمعيات خيرية أنشأوها بجهود ذاتية و تمويل شخصي للتكافل الإجتماعي فأين هذا كله من الآخرين .. و لماذا كل هذا الهجوم و اللذي يأتي غالباً بنتائج عكسية إذ يزداد التعاطف الشعبي معهم على إعتبار أنهم مستضعفين و مغلوبين على أمرهم
الدعارة
كلمة قبيحة يترفع الكثيرين عن نطقها و لكن انتشارها حتم على هؤلاء المترفعون إستبدال اللفظ القبيح بألفاظ أخرى أكثر تأدباً و أكثر إقتراباً من العامية الدارجة و لا مجال هنا لذكر هذه الألفاظ .. ترفعاً !
الدعارة هي ثالث أضخم تجارة في العالم بعد تجارة السلاح و تجارة المخدرات و كلها نشاطات غير شرعية و لكن ليس في كل العالم فبعض الدول تشرع تجارة السلاح كالولايات المتحدة و بعضها تشرع تجارة المخدرات كاليمن ( القات ) و معظمها تشرع الدعارة و تسن لها القوانين و تشدد عليها الرقابة الصحية منعاً لإنتشار الأمراض و قد كانت مصر قبل الثورة من الدول اللتي تشرع الدعارة و تقننها و حالياً تأتي إمارة دبي و بعض دول الخليج في قائمة تشريع الدعارة
و الحقيقية أن الدعارة رغم كونها رذيلة مذمومة و كونها من المحرمات شديدة التحريم في كل الأديان السماوية إلا أن تشريعها يعد حلاً لا بأس به للعديد من المشكلات ، و حرمتها لا تمنع تشريعها فكون القانون ينظم حياة الفرد و المجتمع لا يجعل منه وصياً على الفرد و المجتمع فالقانون مجرد إطار يحوي بداخله معاملات البشر للحد من أو منع الجرائم و ليس القانون قواعد لفرض الأخلاق و القيم و المباديء
و قبل أن يذبحني الذابحون على مذبح قرابين الرياء يجب أن يعلموا أن إحدى لجان الأمم المتحدة قد أصدرت بياناً يدعو لعدم إحتفاظ الأنثى بعذريتها لكون إحتفاظها بها نوعاً من الكبت الجنسي فضلاً عن دعوة هذا البيان لإطلاق حرية ممارسة الجنس للأنثى على اعتبار أن منعها من تلك الحرية يعد تمييزاً ضدها .. و قبل أن تأتينا الكوارث من خارج الحدود أفضل أن نتحصن لها و نضع لها الحدود و ليس خافياً على أحد كم المشاكل الناشئة نتيجة الإباحية المستترة كالتحرش و الطلاق و العنوسة و الزواج الغير متكافيء بل و الفقر و كساد السوق و عدم الإخلاص في العمل و النفاق و غيرها من مشكلات ناشئة عن نواقص نفسية تفضح عدم الإستقرار النفسي و ليس الجنس كل حلولها و لكنه حل من حلولها قد يأتي بالكثير إذا أبيح قانوناً
الشهيد البطل تامر حسني !
ليست غيرة ذكورية و لا قول حاقد أو حاسد بل هو تعجب و إستغراب من ردود الأفعال حينما تم القبض على المطرب ( و ليس له بالطرب آية علاقة ) تامر حسني لأنه تهرب من الخدمة العسكرية .. لا أدري لماذا تذكرت اليوم هذا الحدث رغم مرور الكثير على حدوثه
و لا أدري لماذا و كيف و متى نال هذا الشاب كل هذا الإهتمام الأنثوي و الدفاع عن هروبه من واجبه الوطني نحو أرض أنشأته و جعلت منه شيء .. قد تكون ذاكرتي تم استفزازها حينما بحثت عن رمز يلتف حوله الجمهور فلم تجد و قد يكون التهافت الشعبي حول تامر حسني مستفزاً لكونه دفاع عن هارب من التجنيد و ليس دفاع عن مظلوم أو مكلوم
لا أستطيع إنكار أنني أستمع لأغانيه كما لا أستطيع إنكار إعجابي ببعضها على إعتبار أنها شبابية و لا علاقة لها بالفن اللذي تعلمته من ملاحم كوكب الشرق و موسيقار الأجيال و العندليب الأسمر و فيروز و فريد الأطرش و نجاة و غيرهم من عمالقة بل مردة و أساطين الفن و الطرب
و لكن إعجابي هذا لا ينفي إستنكاري للنظرة الغير عادلة لمتهرب من التجنيد و بغض النظر عن ما قد تهرب منه إلا أن الفعل في حد ذاته مشين فالتهرب من التجنيد جريمة يعاقب عليها القانون و في ذات الوقت هي جريمة مخلة بالشرف و طعن في الوطنية و إذا نظرنا بمفهوم الجريمة التجريدي فالدفاع عن مجرم و الإلتفاف حوله و تأييده بهذا الشكل يدل على أن هناك خلل ليس بالصغير أو الهين حتى يمر مرور الكرام دون وقفة و بحث وراء أسبابه ... إنها ليست عبارة غرقت أو قطار إحترق أو مليارات نهبت و ليست حادثة سير أو كلاب أمير نهشت في وجه طفلة .. فكلها جرائم واضحة صريحة و مرفوضة حتى و إن كان الرافضون لها قلة فلن تجد لها مؤيد واحد .. إن تغير الإحساس بالوطن و اللذي قد يصل إلى حد إهدار حقه فينا كشباب كارثة تنبيء بما هو أكبر و أفدح فتامر حسني حالة فردية أفتضح أمرها إعلامياً و لكن المشكلة ليست فيه هو بل في من ثار و أغار نتيجة معاقبته على جريمته فعندما نجد من يدافع عن الجريمة و بهذا العدد المهول و من يؤثر إعجابه أو حتى حبه لشخص على حبه لوطنه و إعتزازه به فهي كارثة ضخمة يجب علاجها فوراً قبل أن يسبق السيف العزل

الجمعة، فبراير 23، 2007

السيد حسن نصر الله و العبد وليد جنبلاط





السيد حسن نصر الله








السيد حسن نصر الله مع إبنه


وُلـِد حسن نصر الله في بلدة البازورية الجنوبية القريبة من مدينة صور ( 10كلم شرقي صور ) عام 1960. إضطر وهو صغير وبسبب ضيق حال العائلة وإنعدام فرص العمل في بلدته الجنوبية التي كانت تشكو كغيرها من قرى وبلدات المنطقة من الفقر والإهمال والحرمان للنزوح مع عائلته إلى مدينة بيروت وهناك أقامت العائلة في منطقة الكرنتينا إحدى أحزمة البؤس المنتشرة حول أطراف العاصمة ، وفي هذه المنطقة قضى حسن نصرالله أغلب أيام طفولته .
عمل في أولى أيام حياته بمساعدة والده عبد الكريم نصرالله في بيع الخضار و الفاكهة.

أتم دراسته الإبتدائية في مدرسة حي "النجاح"، ثم درس في مدرسة سن الفيل الرسمية.ثم كان أن إندلعت الحرب الأهلية في لبنان فرجع مع عائلته إلى بلدتهالبازورية في الجنوب وهناك تابع دراسته الثانوية في مدرسة ثانوية صور الرسمية للبنين .
خلال وجوده في البازورية إلتحق حسن نصرالله بصفوف حركة أمل الشيعية التي أسسها السيد موسى الصدر ، وكان خياره يبدو غريبا ً حينها عن توجهات البلدة السياسية التي كانت تأخذ الطابع الشيوعي والماركسي وذلك لكثرة الشيوعيين الموجودين فيها إبان ذلك الوقت . ثم أصبح مندوب الحركة في بلدته .
وفي صور تعرف نصرالله إلى السيد محمد الغروي الذي كان يقوم بتدريس العلوم الإسلامية في إحدى مساجد المدينة بإسم السيد الصدر ، وبعد مدة من لقائهم طلب نصرالله من السيد الغروي مساعدته في الذهاب إلى مدينةالنجف العراقية إحدى أهم مدن الشيعة والتي تتلمذ فيها كبار علماء الدين الشيعة . وبالفعل فإن السيد الغروي ساعده في الذهاب إلى النجف بعد أن حمله كتاب توصية للسيد محمد باقر الصدر إحدى أهم رجال الدين الشيعة عبر تاريخهم ، وبوصوله إلى النجف لم يكن قد بقي بحوزة نصرالله قرشا ً واحدا ً. وهناك سأل عن كيفية القدرة على الإتصال بالسيد محمد باقر الصدر فدلوه على شخص يدعى عباس الموسوي ، وبلقائه خاطبه نصرالله بالعربية الفصحى ظنا ً منه أنه عراقي لكنه فوجىء بأن الموسوي لبناني من بلدة النبي شيث البقاعية وهذا اللقاء كان محور تغير هام في حياة نصرالله ، كونه وإبتداءً من هذه اللحظة فإن صداقة قوية ومتينة ستقوم بين الرجلين اللذين كتبا فصلا ً هاما ً من تاريخلبنان الحديث عبر مساهمتهما في إنشاء وتأسيس حزب الله اللبناني عام 1982 .
بعد لقاء نصرالله للسيد محمد باقر الصدر فإن هذا الأخير طلب من الموسوي رعاية نصرالله والإعتناء به وتأمين ما يلزم له من مال وإحتياجات كما عهد له بتدريسه ، وكان الموسوي صارما ً في دوره كمعلم وبفضل تدريسه المتشدد إستطاع طلابه أن ينهوا خلال سنتين ما يعطى عادة خلال خمس سنوات في الحوزة.فالتدريس عند الموسوي عملية متواصلة ليس بها إنقطاع أو عطل حتى في أيام العطل الرسمية فإن دروسه لا تتوقف وهذه الأجواء أمنت لنصرالله الفرصة بإنهاء علومه الدينية في فترة سريعة نسبيا ً حيث أنهى المرحلة الأولى بنجاح في العام 1978 .
في هذه الفترة كان المناخ السياسي العراقي قد بدأ بالتغير بشكل عام حيث أخذ نظام البعث الحاكم بالتضييق على الطلبة الدينيين من مختلف الجنسيات ، ويبدو أن وضع الطلبة اللبنانيين كان أسوأ من غيرهم حيث بدأت التهم تلاحقهم يمينا ً وشمالا ً تارة ً بالإنتماء إلى حزب الدعوة وتارة ً أخرى بالإنتماء إلى حركة أمل وأيضا ً بتهم الولاء إلى نظام البعث السوري الحاكم في سوريا والذي كان في عداوة مطلقة مع نظام البعث العراقي .
وفي أحد الأيام إقتحم رجال الأمن البعثي الحوزة التي كان يدرس بها نصرالله بهدف إلقاء القبض على السيد عباس الموسوي الذي كان حينها مغادرا ً إلى لبنان فلم يجدوا سوى عائلته فأخبروها بمنعه من العودة مجددا ً للعراق . ومن حسن حظ نصرالله أنه لم يكن موجودا ً في الحوزة حينها حيث تم إعتقال رفاقه الباقين ، وهنا أدرك أنه لم يعد هناك مجالا ً للبقاء بالعراق فغادر عائدا ً على وجه السرعة إلى لبنان قبل أن يتمكن نظام صدام حسين من إلقاء القبض عليه . بعودة نصرالله إلى لبنان إلتحق بالحوزة الدينية في بعلبك وهناك تابع حياته العلمية معلما ً وطالبا ً ، إضافة ً إلى ممارسته العمل السياسي والمقاوم ضمن صفوف تنظيم حركة أمل الشيعية التي كانت قد بلغت أوجها في ذلك الحين .وبفضل قوة شخصيته ومتانة عقيدته وصدق إلتزامه وإخلاصه فإن ذلك الشاب الذي كان بالكاد قد بلغ العشرين من عمره إستطاع الوصول إلى منصب مندوب الحركة في البقاع وهو منصب لا يتسلمه عادة ً إلا من كان يمتلك صفات قبادية وأخلاقية من الدرجة الأولى .

عام 1982 كان عاما ً مفصليا ً في حياة نصرالله ففي هذا العام وقع الإجتياح الإسرائيلي للبنان وبوقعه حصلت أزمة في صفوف أمل بين تيارين متقابلين تيار يقودهنبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني وكان يطالب بالإنضمام إلى "جبهة الإنقاذ الوطني " وتيار أخر أصولي متدين كان نصرالله والموسوي أحد أعضائه وكان يعارض هذا الأمر وبتفاقم النزاع إنشق التيار المتدين عن تيار نبيه بري الذي كان لدى التيار المتدين مأخذ كثيرة عليه بسبب الإختلاف في تفسير الإرشاد الذي خلّفه الإمام موسى الصدر.
والحقيقة أن التيار المتدين كان يعارض الإنضمام إلى جبهة الإنقاذ الوطني بسبب وجود بشير الجميل فيها وكاونوا يعتبرونها تهدف إلى إيصال هذا الأخير إلى رئاسة الجمهورية . والجميل هذا كان خطا ً أحمرا ً لدى تيار المتدينين بسبب علاقاته مع الإسرائيليين .
وهنا كانت البداية الأولى لظهور حزب الله اللبناني ، حيث بدأ هؤلاء الشباب بالإتصال برفقائهم الحركيين في مختلف المناطق اللبنانية بهدف تحريضهم على ترك تيار بري والإنضمام إلى حزب الله وبدأت هذه النواة تكبر مع الأيام حتى أصبح الحزب في الوقت الحاضر إحدى أهم وأكبر الأحزاب على الساحة اللبنانية والعربية والإسلامية .
عند ولادة حزب الله لم يكن نصرالله عضوا ً في القيادة فهو لم يكن حينها قد تجاوز ال22 ربيعا ً وكانت مسؤولياته الأولى تنحصر بتعبئة المقاومين وإنشاء الخلايا العسكرية التي شكلت فيما بعد العنوان الأبرز في مقاومة الجيش الإسرائيلي جنوب لبنان .

بعد فترة تسلم نصرالله منصب نائب مسؤول منطقة بيروت الذي كان يشغله السيد إبراهيم أمين السيد إحدى نواب حزب الله السابقين في البرلمان اللبناني وإستمر نصرالله بالصعود داخل سلم المسؤولية في حزب الله فتولى لاحقا ً مسؤولية منطقةبيروت ثم استُحدث بعد ذلك منصب المسؤول التنفيذي العام المكلّف بتطبيق قرارات "مجلس الشورى"، فشغله نصر الله.‏
ولكن يبدو أن المسؤولية والمناصب لم تكن تستهوي نصرالله بالقدر الكافي بل إن إهتمامه الحقيقي كان يتجه صوب تكملة دراسته الدينية ، ولذلك فإنه وبعد مدة غادر بيروت متجها ً نحو إيران وتحديدا ً إلى مدينة قم لمتابعة دروسه الدينية هناك ولكن التطورات الحاصلة على الساحة اللبنانية خصوصا ً لجهة النزاعات المسلحة بين حزب الله وأمل إضطرته للعودة مجددا ً للبنان . بعودته لم يكن لنصرالله مسؤولية محددة فمنصبه ككمسؤول تنفيذي عام كان قد سـُلـِم للشيخ نعيم قاسم وهكذا بقي نصرالله من دون منصب حتى إنتخاب السيد عباس الموسوي أمينا ً عاما ً فعين قاسم نائبا ً له وعاد حسن نصرالله لمسؤوليته السابقة .

في عام 1992 إغتالت إسرائيل أمين عام حزب الله السيد عباس الموسوي فصار إلى إنتخاب حسن نصرالله أمينا ً عاما ً للحزب بالرغم من أن سنه كان صغير على تولي هذه المسؤولية ولكن يبدو أن صفات نصرالله القيادية وتأثيره الكبير على صفوف وأوساط قواعد حزب الله قد لعبت دورا ً مؤثرا ً في هذا الإتجاه وبالفعل فإن إنتخابه كان له الأثر الأبرز في تثبيت وحدة الحزب بقوة بعد الضربة القاسية التي تلقاها لتوه. ‏ وفي ذلك العام وبعد أشهر قليلة من إغتيال الأمين العام السابق الموسوي فإن حزب الله إختار الدخول إلى قلب المعترك السياسي اللبناني فشارك في الإنتخابات النيابية التي جرت في ذلك العام وحصد عددا ً من المقاعد النيابية عن محافظتي الجنوب والبقاع وهذه الكتلة كبرت وإزدادت عددا ً في الإنتخابات النيابية اللاحقةأعوام 1996 و 2000 و 2005 وهي تعرف بإسم " كتلة الوفاء للمقاومة ". وفي عام 1997 فقد نصرالله إبنه البكر هادي في مواجهات دارت بين مقاتلي الحزب والجيش الإسرائيلي في منطقة الجبل الرفيع جنوب لبنان .


السيد حسن نصر الله متزوج من فاطمة ياسين، وله منها خمسة أولاد أبناء: هادي، محمد جواد، زينب، محمد علي, محمد مهدي .

يوم أبلغه رفاقه باستشهاد ولده البكر "هادي" في مواجهة مع القوات الإسرائيلية، كان رده الوحيد، أن طلب منهم تركه وحده في مكتبه لدقائق معدودة.
وخلف الباب الموصد، لم يبكِ السيد "حسن نصر الله"، كما أفصح فيما بعد، بل خلا إلى نفسه، واستجمع كل قواه وقيمه ومفاهيمه التي أوصلته إلى هذا المقام. بعدها خرج لتلقي تعازي الوفود الشعبية، يومها، كتب أحد الصحافيين اللبنانيين ممن اعتادوا مهاجمة نصر الله وحزب الله، يقول: "مهما اختلفنا معك، لا نملك إلا أن ننحني أمامك، فليس عاديًّا في زماننا أن يقدم زعيم سياسي حزبي، ابنه لخوض قتال ضد إسرائيل، إلى جانب باقي المقاتلين".


-------------------------------------------------



العبد وليد جنبلاط





وليد جنبلاط (7 أغسطس 1949 ~ ) زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي العربي وأحد أبرز الزعامات الدرزية، تزعّم رئاسة الحزب بعد اغتيال والده كمال جنبلاط مؤسس الحزب.
آل جنبلاط (في لبنان) من أصل كردي سني، اعترف بهم العثمانيون و عينوا منهم حسين باشا جانبولاد حاكماً على كلّس -حلب ، وظلوا قديماً في حلب حتى قام أحد زعمائهم علي باشا جانبولاد بثورته التي قضى عليها العثمانيون ثم قتلوه، فلجأ بعض أفراد هذه الأسرة إلى لبنان ، إلى المعنيين الدروز في إقليم الشوف، فتبنى مذهبهم و غدا زعيماً لفريق منهم. و أصل اسمهم (جان بولاد) و معناها بالكردية ذو الروح الفولاذية
خلال وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان أقدمت القوات التابعة لجنبلاط على اقتحام العديد من القرى المارونية وقتل الآلاف من سكانها عقابا على الاعتداءات المارونية قبل الاجتياح. كانت هناك حملة تطهير عرقي في جبل لبنان من قبل المارونيين ضد الدروز، حيث طرد سكان قرى درزية عديدة وأحرقت مساكنهم ومقدساتهم علاوة على المجازر والاعتقالات. نجح في التصدي لهذه الحملة مما اعتبر انتصارا وثبت مركزه القيادي لدى الطائفة الدرزية.

والده كمال جنبلاط النائب والوزير ، ومؤسس ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي حتى تاريخ استشهاده.
والدته الأميرة مي أرسلان ابنة الأمير شكيب أرسلان.
درس المرحلة الابتدائية في الكلية العلمانية الفرنسية في بيروت حتى العام 1961. بعام 1969 أنهى المرحلة الثانوية في الإنترناشونال كولدج في بيروت. في 3 يوليو 1973 نال شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة الأميركية في بيروت، وكذلك درس في قسم التاريخ في الجامعة نفسها. قام بتدريس مادة التاريخ في الجامعة الوطنية في عاليه. عمل في ملحق جريدة النهار لمده اقل من سنة وكتب العديد من المقالات الاقتصادية والسياسية. بين عامي 1979 و1980 كتب كلمة صحيفة الأنباء وهي الجريدة الناطقه باسم الحزب التقدمي الاشتراكي. بتاريخ 29 ابريل 1977 انتخب رئيسًا للحزب التقدمي الاشتراكي خلفا لوالدة ومازال يترأس الحزب. زوجته الحالية السيدة نورا الشرباتي والتي اصبحت بعد زواجها منه تلقب بنورا جنبلاط وهي إبنة وزير الدفاع السوري الأسبق أحمد الشرباتي.
-------------------------------------------------

لا أجد ثم وجه للمقارنة بين أصل السيد و أصل العبد و بين حياة السيد و حياة العبد و بين أهداف السيد و أهداف العبد و ترى العبد يتطاول على السيد و يصفه بأقذع الصفات إلا أن كلمات العبد لا يمكن أن ترقى لمستوى القدح في رجل أثبت للعالم كله مراراً و تكراراً أنه ليس زعيم فريد و فذ فحسب بل قائداً عسكرياً و سياسياً لا يشق له غبار ناهيك عن تضحياته المتتالية و اللتي بدأت بإبنه هادي و لم تنته حتى الآن .. في حين العبد سليل من نافقوا ليحصلوا على الفتات من السلطة و سليل من خانوا وطنهم و قتلوا مواطنيهم لم نسمع لطائفته و لا من يتزعمهم صوتاً أثناء الحرب الأخيرة على لبنان إلا صوت صراخهم و إستغاثاتهم بل و تنديدهم بحزب الله اللذي تصدى بصدور أبنائه و أفئدتهم لقنابل إسرائيل العنقودية بينما الحزب الإشتراكي التقدمي بقيادة جنبلاط يطعنهم من الظهر بسكين الشقاق و التشكيك في مصداقيتهم .. مصداقيتهم اللتي ذادت عن تراب لبنان و اشترته بدماء أبنائها و أرواحهم .. مصداقيتهم اللتي لولاها لكان جنبلاط يحتضر الآن في سجون الإحتلال و معتقلاته
و للحديث بقية ...


الأربعاء، فبراير 21، 2007

صحيح .. إللي اختشوا ماتوا

من زمان ما كتبتش بوست باللغة العامية .. و الله وحشتني لغتنا الجميلة العامية المصرية اللي كل العالم العربي بيفهمها بعكس العامية الغير مصرية .. ما علينا ندخل في الموضوع
انا لاقيت البلد كلها فجأة بتتكلم على د.هالة سرحان و الجرايد بتكتب و الدنيا مقلوبة عشان برنامجها هالة شو و بالتحديد الحلقة اللي استضافت فيها بنات الليل المصريات اللي أنكروا بعد إذاعة الحلقة إنهم بنات ليل .. مع إنها شغلانة كويسة و مربحة اليومين دول ده غير إنها شغلانة ذات نفوذ و نقدر نقول ان اللي بتمارسها بإخلاص و تفاني ممكن جداً تكون واسطة ناجحة في الوصول لأي حاجة صعبة المنال زي تعيين في الحكومة مثلاً أو تسهيل الحصول على قروض بمليارات الجنيهات من البنوك أو الحصول على شقة من بتوع محدودي الدخل أو أي حاجة محتاجة لواسطة قوية و نافذة المفعول
و بعدين الصحفيين واخدين الحكاية بتاعة البرنامج على محمل غريب جداً و بيقولوا ان هالة سرحان أسائت لسمعة مصر و بنات مصر و صناعة مصر و مجاري مصر و محطة مصر و شوهت سمعة المجتمع المصري بين أشقائنا العرب اللي هما طبعاً عارفين مصر بسمعتها الطيبة و مجتمعها صاحب المباديء و التقاليد و اللي هما بيشرفوا مصر في شهور الصيف و الشتاء عشان يتمتعوا بالتعامل مع المجتمع المصري صاحب الأخلاق و القيم و خصوصاً أهل شارع الهرم أصحاب المباديء السامية و اخواننا بتوع كازينو الليل و بارادي و رمسيس و اخواتنا الفنانات الخلوقات من أمثال نجمة الإستعراض المحترمة جداً إختنا الكريمة فيفي عبده و أختنا الفاضلة دينا و أخواتنا الفاضلات الكريمات عايدة رياض و لوسي و غيرهم من الأخوات المحترمات صاحبات المباديء و القيم الغير موجودة في أي بلد عربي آخر و اللي العرب بيشرفوا مصر مخصوص عشان يستمتعوا بالتعامل الأخلاقي السامي مع أخواتنا صاحبات هذه القيم الفريدة
ده طبعاً غير أهل الخير بتوع المنصورة و الشرقية اللي بيحبوا يوفقوا راسين في الحلال أو في أي حاجة و بيهدوا بناتهم - من كرمهم الزائد - للأثرياء العرب و كرمهم بيحتم عليهم عدم المطالبة بالكثير فمش مهم عقد زواج و كلام فاضي .. هو ايه الفرق بين البني آدمين بورقة الزواج و من غيرها ؟ عيب أوي لما نوقف مسيرة كرم الأخلاق على حتة ورقة لا بتودي و لا بتجيب و للأسف إن البنات اللي بيتجوزا العرب من المنصورة و غيرها دايما بيطلعوا نص لبة و تلاقي البنية منهم راجعة من البلد العربي اللي اتجوزت واحد منه و سافرت معاه .. تلاقيها راجعة بعد كام شهر لإنه ما حصلش نصيب .. و طلعوا مش متفاهمين
و الله أنا زعلت جداً من د.هالة الوحشة الشريرة الكـُخة اللي بتقول على بنات مصر كلام بايخ و مش صحيح خالص مالص و كمان بالص
و لا التلت بنات اللي يا كبدي ضحكت عليهم الدكتورة الشريرة و غرغرت بيهم و استغلت برائتهم الطفولية يا قلبي و خلتهم يقولوا على نفسهم كلام أياااااااااااه .. كلام عيب و وحش و سوفاج على الآخر ... واحدة منهم يا كبد امها خطيبها طلقها ... قصدي سابها عشان طلعت بينضحك عليها يا حرام و التانية و التالتة مش عارف جرالهم ايه بس أكيد جرالهم حاجة كـُخة خالص بسبب الدكتورة الشريرة خالص الوحشة اللي اسمها هالة سرحان
و انا من هنا و من هذا المنبر بعلي صوتي على الآخر و أصوت بالصوت الحياني و أوجه رسالة مفتوحة على البحري للدكتورة الشريرة خالص مالص هالة سرحان و بقولها كده عيب يا دكترة .. انتي عارفة كويس مصر و بنات مصر و عارفة إن شارع الهرم هو قبلة العرب و هو منبع سمو الأخلاق و شفافيتها و عارفة إن اهل المنصورة ناس كرما و ما بتطلعش منهم العيبة و عارفة إن صاحبات القيم و المباديء من أمثال إخواتنا الفنانات اللي ذكرتهم قبل كده و خصوصاً أختنا الكريمة دينا مش ممكن يقبلوا منك التصرف الوحش خالص ده .. و بقولها يا ريت يا دكتورة هالة تنزلي مصر و تشوفي بنفسك أخلاق بناتها عاملة إزاي ... حاولي مرة كده تتمشي على كورنيش النيل في أي وقت و شوفي أد إيه الشعب بيحب بعضه بشكل يجيب المرض .. هتشوفي البنات ازاي أخلاقهم عالية و لابسين إيه .. حجاب محترم و بنطلونات جينز آخر إحترام و حشمة و وقار و بادي ضيق شوية بس قمة في الحشمة و الوقار و الإحترام ... و البنت تلاقيها واقفة مع حبيبها على الكورنيش أو قاعدة مش هتفرق كتير و حبيبها من كتر حبه فيها حاطط إيده على ...... على كتفها طبعاً .. إنتي فهمتي إيه ؟ ... بس في قمة الأدب و الإحترام
و ممكن و انتي ماشية تلاقي عربية معدية سايقها شاب و جنبه بنت ماسكة ..... موبايل و بتتكلم فيه أو ماسكة ........ علبة عصير بتشربها أو ماسكة ........... مصاصة بتمصها بس بكل أدب و إحترام و ممكن يكون الجو في العربية حر شوية فتلاقيها متحررة من هدومها بس عشان الجو مش عشان حاجة تانية و ما تبقاش نيتك وحشة ... و ممكن يكون الشاب اللي جنبها بيشتكي من عينه و لا حاجة و تلاقيها بتبص فيهم بس ما تفهميش انها بتبوسه و لا حاجة و ما تبقاش نيتك وحشة عيب كده
دا حتى شبابنا من عفتهم و أخلاقهم العالية خالص ما بيفكروش في الجواز إلا بعد سن الخمسة و تلاتين و في منهم بعد الأربعين و منهم اللي بينسى الجواز من أصله بس بمزاجه طبعاً .. و لما بيتجوزوا ما بيطولوش عشان ما عندهمش وقت للجواز و الكلام الفارغ ده فبيطلقوا بعد كام سنة كده و يرجعوا تاني لسمو الأخلاق و الزهد في الحياة و منها
و لا بناتنا بأه ... هو في زي بناتنا ؟ من كتر أدبهم بيعنسوا و بينسوا الجواز و اللي بتتجوز منهم بتبقى مش عارفة يعني إيه راجل .. شفتي الأدب وصل لحد فين يا دكترة ؟
و هنروح بعيد ليه ... ممكن و انتي عندك تدخلي على مواقع أخواتنا المدونات المصريات و تشوفي بنفسك مدونات الكثير منهم بتشر أدب و وقار ... و لا مدونات الشباب كمان .. يا روحي على مدونات الشباب و حلاوتها و طعامتها و أدبها
و بعدين عيب أوي تسيئي لسمعة مصر اللي زي البرلنت و اللي سيرتها على كل لسان ... بالخير طبعاً .. و لعلمك بأه العرب عارفين كويس أخلاق المصريات و مش محتاجين لإرشاد حضرتك .. هما عارفين بيتصرفوا إزاي و بيدفعوا كام في الليلة .. الحكاية واضحة زي الشمس مش محتاجة هالة شو و الكلام ده عشان توضح
بطلي يا دكتورة هالة تطلعي إشاعات مغرضة على مصر عشان مصر ممكن تضربك أأه
و أخيراً بوجه رسالة .. مش للدكتورة هالة سرحان و لكن لمن يهاجمونها
لقد جربت هذا الدهر حتى * أفادتني التجارب والعناء
رأيت الحر يجتنب المخازي * ويحميه عن الغـدر الوفاء
يعيش المرء ما استحيا بخير * ويبقى العود ما بقي اللحاء
فلا والله ما في العيش خير * ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
إذا لم تخش عاقبة الليالي * ولم تستح فافعل ما تشاء