الاثنين، يناير 29، 2007

المجرم اللذي أحترمه

حي المعادي في القاهرة من الأحياء الهادئة و الراقية و الآمنة لذلك اتخذ الأجانب منه سكناً دائماً لهم فهو بعيد عن ضجيج القاهرة و زحامها و زخمها .. و لكن في الفترة الأخيرة ظهرت شائعات - و ربما حقيقة - عن شاب في العشرينيات من عمره يستقل دراجة نارية و يقوم بطعن أو جرح الفتيات من الخلف و في المؤخرة بالتحديد
أحياناً يكون الفرق بين الصراحة و الوقاحة صرحاً شامخاً لا يمكن بلوغه و أحياناً يتلاشى هذا الفرق و تصبح الصراحة وقاحة صرفة و يصبح الإجرام وسيلة هامة و فعالة لإصلاح الأخطاء و قد يتغلب الإجرام كوسيلة على وسائل أكثر نبلاً و فضيلة كالنصح و الدعوة و غيرها .. و أحياناً تكون الميكافيللية أفضل من غيرها عندما تنفد الوسائل المنطقية لحل مشكلة و كما قيل عندما تتعذر الحلول المنطقية لمشكلة فحلها غير منطقي!
منذ ظهرت هذه الشائعة و التزمت الفتيات بالحشمة الحقيقية و الوقار السليم و بدأن يرتدين ما لا يصف و لا يجسم أجسادهن ، فهل فشلت كل الوسائل ( السلمية ) في هداية النساء و نجحت الوسيلة الإجرامية في هدايتهن ؟
في الواقع إن فتيات هذا الزمان أوتين نصيباً لا بأس به من البجاحة و الصلف و هذا ينطبق على كل النوعيات على اختلاف مشاربها و مستوياتها و ثقافاتها ، منهن من يجزمن أنهن محترمات رغم المظهر الغير محترم و التبرج السافر و العري الشبه كامل و يحتججن بأن الإحترام داخلي و ليس خارجي أو مظهري
و منهن محجبات حجاباً لا يمت بأي صلة للحجاب و يمكن تسميته بغطاء الرأس كونه لا يحجب إلا الشعر أو بعض الشعر بينما بقية الجسد إما عاري و أما أوضح من العري بالملابس الضيقة
و هنا نتسائل هل هؤلاء يرتدين الحجاب للإحتجاب أم لهدف آخر أم فـُرض عليهن الحجاب ؟
عندما حدثت أحداث التحرش الجماعي في وسط البلد قابلها الجميع - و خاصة النساء - بدهشة و ذهول متسائلين كيف يحدث هذا في مصر و نسوا أن يتسائلوا لماذا يحدث هذا في مصر و من المتسبب فيه ؟
و قد كان هذا الحادث مؤشراً على اقتراب الثورة الجنسية أو الثورة الدينية على الأوضاع المقلوبة للنساء في مصر ، و كانت التساؤلات تشعرني أننا نعيش في زمن الحرملك و حدث هذا الحادث أي أنها تساؤلات تتجاهل تصرفات و أفعال و ملابس النساء و توجه أصابع الإتهام نحو الرجل على اعتبار أنه كائن حيواني غير سوي فهو يتحرش دون أي أسباب أو مثيرات من وجهة النظر النسائية بينما الحقيقة أن بجاحة النساء جاوزت الحدود في تناول هذا الموضوع بل و في كل الموضوعات المتعلقة بالعلاقة بين الجنسين ، فما هو المثير في بنطلون جينز ضيق يجسم جسدها شكلاً و موضوعاً و ما هو المثير في بادي يجعلها شبه عارية و ما هو المثير في القصير و الشفاف و و و و إلخ ... كل هذا لا تراه هي مثيراً بل هو أقل من العادي و عندما يعلن الرجل عن نتائج ما ترتديه هي يكون بذلك حيواناً وقحاً سافلاً و به كل العبر
و رغم أن النساء يفعلن كل ذلك من أجل عيون الرجل بل هناك شركات عالمية و ملايين الأسر اللتي تعيش على حساب النساء كشركات مستحضرات التجميل و العاملين فيها إلا أن عيون الرجل تصبح آثمة فوراً إذا وقعت على جزء من جسدها تعمدت أن تظهره لتقع عيون الرجل عليه !!!!
لقد نجح هذا الشاب صاحب الدراجة و الأفعال النارية في ما فشل فيه الكثيرين لذلك فأنا أحترمه رغم أني أدينه لأنه مجرم و لكنه يمثل المجرم البطل
يعبر تصرف هذا الشاب عن فكرين متضادين الأول هو الفكر الديني الداعي للحشمة أو إكتمال الحشمة و يعترض على الشكل الحالي للحياة النسوية كونها بعيدة عن الدين شكلاً و موضوعاً
أما الفكر الثاني فهو الفكر الإباحي الداعي لإكتمال التبرج و خلع الحجاب فهو - أي غطاء الرأس - الشيء الوحيد حالياً الدخيل على التبرج فغالبية المحجبات متبرجات بغطاء رأس !
و كما اعتدنا في السنين الأخيرة بإقحام كل شيء في السياسة لتحصيل مكاسب لطرف أو لآخر فقد ظهرت شائعة تنسب هذا الشاب إلى جماعة الإخوان المسلمين على اعتبار أنه يعمل ( كداعية ) أو يرفض بأفعاله فساد أحوال النساء و الهدف من تلك الشائعة واضح و كذلك مصدرها واضح فهي تحاول سحب بساط التأييد الشعبي لجماعة الإخوان ببث الكراهية في منهجهم
و حتى لو كان للإخوان يد في هذا الأمر فأنا أحييهم على ذلك فقد نجحوا بشكل غير مسبوق فيما فشل فيه كل المحاولون

الجمعة، يناير 12، 2007

جورج دبليو بوش و استراتيجيته الجديدة

دموع في عيون وقحة

نقلت تلك الصورة لدمعة جورج بوش و اعتبرتها من أبلغ ما يمكن من تعبير لوصف إستراتيجيته الجديدة في العراق و كنت أأمل العودة سريعاً لكتابة تعليق و لكن منعتني الظروف
لم يكن جورج بوش رئيس أقوى دولة في العالم بكل ما تحمله الكلمة من معان يتصور يوما أن يجد نفسه في هذه الورطة الكبيرة ، لقد كان الرئيس الأمريكي - المتنبيء - يتصور أن حرب العراق نزهة في الشرق الأوسط ستنتهي بمنحه جائزة نوبل في السلام أو في مكافحة الإرهاب أو في كليهما ، كما لم يكن يتوقع يوماً أن يتخلى الشعب و الكونجرس عنه دفعة واحدة هكذا دون وجود فرصة واحدة أمامه للنجاة فقد أصبح وحيداً في مواجهة العالم بأسره كما بدأ حرب العراق وحيداً و ضد إرادة المجتمع الدولي
لقد بكى الرئيس الأمريكي سياسياً عندما أعلن حاجته لمساندة دول عربية لا تعني شيئاً أمام قوة و سطوة الغرب و أمام التفوق الأوروبي و بكى عسكرياً عندما أعلن خطته في إرسال 21500 جندي إلى العراق و بكى تشريعياً عندما حاول خطب ود الديموقراطيين و خاصة نانسي بيلوسي رئيسة الكونجرس الجديدة و بكى في صمت عندما وجد معظم الجمهوريين قد انفضوا من حوله ليتركوه يواجه مأساة بلاده وحيداً
و قد أعلن بوش في بداية غزوه للعراق أن تحرير العراق من الطاغية صدام و إقامة ديموقراطية عربية على الطريقة الأمريكية في صالح دول المنطقة و شعوبها رغم أن العراق بطاغيتها كان ركيزة أساسية في صد و تحجيم المد الإيراني و الآن هو يعلن أن عدم إقامة دولة و حكومة مسيطرة في العراق لن يكون في صالح دول المنطقة رغم أن العراق الجديد أصبح مقاطعة إيرانية جديدة و أوقد الفتن الطائفية في كل حدب و صوب
لقد وجد بوش نفسه يخسر كل شيء في تتابع سريع دون أن يستطيع الفوز بأي شيء فقد خسر الحرب على الإرهاب بشكل صارخ و يشهد يورانيوم إيران المخصب على ذلك .. و خسر الحرب على الإرهاب عندما ظهرت الحركات الإسلامية - الإرهابية كما يحلو له تسميتها - و وصلت بعضها إلى سدة الحكم كما في فلسطين .. و خسر الحرب على الإرهاب في لبنان و خسرها في الصومال و أفغانستان ، و أدت تصرفاته الرعناء إلى انتشار الفتن و الإحتكاكات الطائفية الداخلية و نمو نفوذ كل الحركات و الأحزاب القائمة على أساس ديني .. و لعب مشهد إعدام صدام دوراً لا بأس به في تكبيد بوش خسارة جديدة
لقد أصبح بوش كالطفل اللذي أفسد كل شيء بجهله و رعونته و الآن يستنجد بالدول المعتدلة لتمسح له ... دمعته و هي - أي الدول المعتدلة - في أمس الحاجة لمن يمسح لها أنهار الدموع اللتي تسبب فيها بوش

الجمعة، يناير 05، 2007

مدونات و ثقافات

عادة ما أزور مدونتي كل بضعة أيام كي أتفقد أحوالها و أقف على آخر تطورات التعليقات فيها ، و لقد اعتدت على قلة التعليقات و أقنعت نفسي بأسباب كثيرة لهذه القلة فتارة أقول أن كلامي فارغ لا يستحق من الكثيرين مجرد القراءة فضلاً عن التعليق عليه .. و تارة أقول أن موضوعاتي مكررة و مملة و ليس في إعادتها إفادة .. و تارة أقول أن موضوعاتي بعيدة كل البعد عن الإهتمامات الحقيقية لرواد المدونات فهم لهم إهتمامات أسمى و أنبل بكثير من موضوعاتي الحقيرة .. كل هذه الأقوال و الأسباب اللتي أحدث بها نفسي كانت قبل زيارتي لبعض المدونات المجاورة .. فعندما فاض الكيل قررت زيارة بعض المدونات كي أحدد أسباب فشلي و ليتني لم أفعل

لقد وجدت إقبالاً غير مسبوق على المدونات الجنسية و يا حبذا لو كانت صاحبة المدونة أنثى فهو حدث جلل أن تكتب أنثى في المسائل الجنسية و من وجهة نظرها الغراء .. و هالني عدد التعليقات و فحواها و أدركت عندئذٍ أن حرية التعبير وبال و نقمة كبيرين إذا ما أعطوا لمن لا يستطيع تحمل مسئوليتهما

إن اهتمامات رواد المدونات تنحصر - كالعادة - في ما بين أقدامهم و أقدامهن كما الحال في واقع الحياة بالخلط بين الفكر و الجسد و الشهوات و إنتاج مزيج غريب من الجميع يصب في النهاية على فراش في إحدى الشقق المفروشة و تعقبه الحسرة و الندم

و إلى المدونات النسوية حزمت حقائبي و ذهبت لأطلع على أفكارهن اللتي تحررت من قيود المنتديات و ثارت على قيود المجتمع آملاً أن أجد ما قد يزيل بعضاً من ذهولي المتولد نتيجة مطالعة مدونات البورنو و الإستربتيز

إحقاقاً للحق فقد وجدت قلة من مدونات النساء ذات جوهر كريم و توجه راقي و لكن الغالبية العظمى تندرج تحت مسمى كلام فارغ و بلاهة غير مسبوقة .. و المشكلة ليست هنا فلكل إنسان فكره و لهذا الفكر احترامه بعمقه و ضحالته و حتى سطحيته و لكن المشكلة تكمن في عدد التعليقات الرجولية و اللتي لم أفهم هدفها حتى علمت أن إيميل المدون يمكن إتاحته للمعلقين .. و لسوف يلي ذلك سلامٌ و كلامٌ و موعدٌ و لقاءُ

لا يمكنني الإعتراض على ثقافة شعب بأكمله اتخذت من الأجهزة التناسلية له قراراً مكيناً و ما أستطيعه فقط هو أن أحزن و أحزن حتى يصبح حزني أشجاراً و تنمو كروم تحته و ظلال

كانت المدونات فرصة نادرة للحرية و قول كلمة الحق و فرصة أيضاً للإباحية و عروض البورنو و لكن في توازن محبذ يجعل لهذا ما يدعم ذاك و يعضده و لكن أن تتحول المدونات إلى عروض جنسية أو محميات لإستفراغ الشهوات بشكل مرضي كما يحدث الآن فهو الأمر المحزن المؤسف على شبيبة المسلمين و العرب

إن الدعاة يؤذنون في واد و الموجهة لهم الدعوة يصمون آذانهم و يحيون في وادٍ آخر و كلٌ في فلكٍ يسبحون لا الدعاة مدركي الشباب و لا الشباب مستمع إلى الدعاة و لله الأمر من قبل من و بعد في حال هذه الأمة .. لينفرد أصحاب التكفير و الجهاد بعقول القلة و ينفرد أصحاب العلمانية و الكفر بعقول آخرين و يظل الحال من سيء إلى أسوأ ..

لنا الله

الأربعاء، يناير 03، 2007

في المسئلة الأمريكية

غباء X غباء

لا شك أن إحداث 11 سبتمبر كانت صفعة مدوية على وجه الإمبراطورية الأمريكية ، إنها صفعة أجبرت الكبرياء العسكري و الأمني الأمريكي على الإنحناء و أفاق المارد الأمريكي من سكرته اللتي وضعه فيها وهم القوة اللتي لا تـُقهر و وهم الدولة المحصنة صاحبة أعلى أرصدة في حماية الحريات و بالتالي صاحبة أعلى أرصدة في إحترام العالم لها
و لكن غباء الإدارة الأمريكية في تحليل أسباب الهجمات تجلـّى في ردود أفعالها اللتي اتخذتها لإستعادة كرامتها اللتي حطمها ركام برجي التجارة العالميين ، لقد أصرت الإدارة الأمريكية على علاج الأعراض تاركة الجرثومة المسببة للمرض ترعى في الجسد العالمي غادية رائحة بل و لم تتوقف جهودها الميمونة عند هذا الحد فقد راحت تغذي الجرثومة بشتى الطرق ، لقد كانت أسباب الهجمات واضحة كشمس النهار فإدارة الرئيس بوش اتخذت من نصرة إسرائيل - ظالمة و مظلومة - طريقاً و هدفاً ضاربة بدماء الفلسطينيين عُرض الحائط مما غذى شعور الكراهية لأمريكا و جعلها هدفاً للإنتقام و لو طالت المقاومة الفلسطينية حدود الولايات المتحدة لأمطرتها غزوات
لقد تناست إدارة الرئيس بوش أنها تظلم شعوباً بأكملها بنصرتها لدولة معتدية كإسرائيل و تذكرت فقط أن بعض هذه الشعوب أرادت الثأر و الإنتقام و لو في جنح الظلام و بهجمات إنتحارية و راحت على هذا الأساس تبحث عن هؤلاء المنتقمون و تطاردهم في كل حدب و صوب مدعية أنها تحارب الإرهاب و كان حليف الأمس ( أسامة بن لادن ) هو عدو اليوم و من أجله شردت شعباً بأكمله و قتلت منه المئات لتنال هذا الرجل اللذي اتخذته رمزاً للإرهاب و بأفعالها تلك غذت نزعة الإنتقام و الثأر بشكل أكبر من مجرد نصرتها إسرائيل فها هي تعتدي مباشرة على شعوب مسلمة من أجل الحصول على رقبة رجل واحد و إزدادت الكراهية لأمريكا و ربت و نمت أكثر من ذي قبل
و بنفس مبدأ صديق الأمس عدو اليوم لاح في الأفق الرئيس صدام حسين و جنون الخوف الأمريكي من تقدم العراق العسكري فكان غزو العراق و اللذي كان عارياً من أي غطاء شرعي أو دولي أو أممي و دون حساب الخسائر و الأرباح و دون التعرف - و لو السطحي - على المرجعيات الأيديولوجية للشعب العراقي و تصور الرئيس بوش أن أهل العراق سيتلقون خبر سقوط بغداد بالتهليل و سيستقبلون الجنود الأمريكيين بأكاليل الغار و لكن مرة أخرى يتجلـّى الغباء الأمريكي و ينهار الجيش اللذي لا يُقهر تحت وابل من الهجمات الإنتحارية و السيارات المفخخة و الضحايا بالآلاف في الأمريكان و بمئات الآلاف في العراقيين
و أتت إيران ببرنامجها النووي لتثير حفيظة البيت الأبيض و رغم إعلان طهران عشرات المرات أن برنامجها سلمي إلا أن الحماقة الأمريكية تصر على تصيد الدول الإسلامية الواحدة تلو الأخرى متصورة أنها تقضي على معاقل الإرهاب - غير المسبب بالنسبة لبوش - ، و في الواقع فإن الولايات المتحدة الأمريكية هي أول من عمل على نقض و تحطيم معاهدة الحد من الإنتشار النووي فبخلاف صمتها عن ترسانة إسرائيل النووية ساعدت و دعمت الهند في تطلعاتها النووية و ما زالت تتعاون معها في هذا الصدد مع العلم أن الهند دولة من المفترض أنها ليست نووية و ليست من الدول الخمس النووية و لكنها من الدول المالكة لأسلحة نووية رغم المعاهدات و رغم أنف مجلس الأمن .. و في المقابل باكستان و هي اللتي دفعت الهند لامتلاك السلاح النووي و بالتالي فإن كوريا الشمالية لها الحق في امتلاك تكنولوجيا الردع النووي في مواجهة الصين و أمريكا و بالتناسب فإن إيران لها الحق أيضاً في المواجهة مع الترسانة الإسرائيلية و بالتبعية ستتولد رغبات في دول الجوار الإيراني لامتلاك التكنولوجيا النووية لمجابهة إيران و لن تنتهي السلسلة
نما العداء بين أمريكا و إيران و باتت إيران من دول محور الشر أو من المغضوب عليهم و رغم هذه العلاقة بين البلدين إلا أن أمريكا - بغباء أيضاً - سلمت السلطة في العراق لإيران بكل بساطة لتتجرع منها كؤوس الخسران يوماً تلو الآخر إن لم يكن على الصعيد العسكري فهو على الصعيد السياسي
و حتى إذا كانت للولايات المتحدة أجندة خفية تحاول تحقيقها بتصرفاتها تلك فقد ألبت بحماقتها العالم عليها و بحماقتها أيضاً خسرت مئات المليارات من الدولارات و اللتي لا أظن أن أجندتها الخفية مهما كانت مربحة سوف تعيد شيئاً منها
و على الصعيد الأمريكي الداخلي إنحاز الرئيس بوش للشركات العملاقة صاحبة الأرقام الفلكية في التبرعات لحملاته الإنتخابية و نسي القاعدة العريضة من الشعب و اللتي منحته و حزبه السلطة في أقوى دول العالم و مما زاد الحنق عليه خسائرة المادية في حروبه الخارجية و اللتي انعكست سلباً على الإقتصاد الأمريكي و ضيقت سبل المعيشة على الشعب الأمريكي فتحول التأييد المطلق للفارس المغوار إلى حنق و جلد و لوم على ما أنتجته قريحته النفيسة من قرارات كانت آثارها مدمرة على الشعب الأمريكي و ظهرت النتائج في الإنتخابات التشريعية لتعلن حقيقة لم تعلنها إستطلاعات الرأي اللتي جاء معظمها مزيفاً و تطيح بالجمهوريين من المجالس التشريعية أملاً في إستعادة بعض ما ضاع من أموال دافعي الضرائب

الإرهاب الإسلامي في مواجهة الإرهاب المسيحي

ليس عندي أدنى اعتراض على إطلاق لفظ " إرهابي " على شخص مثل أسامة بن لادن أو أيمن الظواهري أو أبو مصعب الزرقاوي فقتل البشر دون القصاص جريمة يعاقب عليها القانون و الدين و الأخلاق و ترويع الآمنين جريمة أكبر و وزر أعظم و إلصاق هذه الجرائم بالدين و تغطيتها بغطاء الشريعة جريمة أخرى في حق الدين و طعن في سماحته و اعتداله و عدله
و عندما يتفضل الرئيس بوش بإعلان نفسه مرسلاً من قبل الرب لنشر العدالة و الأمن في هذا العالم و يتفوه بمسمى ( حرب صليبية ) على الملأ و عندما تكون مرجعيته و دوافعه في حروبه على العرب و المسلمين قائمة على نبوئات العهد القديم و أساطير اليهود و قصة أرض الميعاد المزعومة و عقيدة عودة الماشيح ( المسيح ) المشروطة بتكوين دولة يهودية و اللذي بعودته سينشر العدل و الأمن في العالم و سيقضي على اليهود أو سيدخلهم في المسيحية كما تقول الأسطورة اللتي ذُكرت في العهد القديم تحت عنوان هرمجدون فهو بكل ما سبق و بكل المعاني يقحم الدين في السياسة و يقتل و يروع و يحارب بإسم الدين و لا مراء أن هذا هو عين الإرهاب المسيحي اليهودي
إذن فقد باتت أنواع الإرهاب و مسمياته ترجع إلى العقيدة و لا ترجع إلى الهدف منه سياسياً و أعتقد أن الرؤوس قد تساوت و غدونا كمسلمين فقط نرد فعل ليس أكثر على الإرهاب المسيحي أو الحرب الصليبية .. و هذا المُحرك العقيدي للسيد جورج بوش لا ينم إلا عن غبائه و ضيق أفقه رغم كونه رئيساً لأكثر دول العالم تقدماً و حضارة فمن المفترض أن الولايات المتحدة دولة علمانية تحترم حرية العقيدة أياً كانت و لا تتضمن تشريعاتها كدولة ما يمت بصلة للدين و لكن السيد بوش العبقري أخذ على عاتقه مسئولية تحقيق نبوئة مزيفة و موضوعة و لا يؤمن بها غالبية المسيحيين و كثير من اليهود

إعدام ميت

لم أكن يوماً بعثياً و لن أكون كما أني لم أحمل لصدام حسين أي مشاعر لا سلبية و لا إيجابية و لم أكن من متابعي مسرحية محاكمته إلا من أجل نقدها الفني فقط فلأول مرة تسقط السينما الأمريكية الحكومية هذه السقطات رغم كون العرض من أهم ما يمكن و كان يجب على الفريق الفني المسئول عنه تحري الدقة و المهارة في سبيل إخراج عرضاً مقنعاً على الأقل و ليس كما رأينا من نشاز
لقد كان اعتقال صدام حسين حدثاً هاماً في سياق غزو العراق على اعتبار أن الغزو في حد ذاته لم يكن إلا لتنحية هذا الرجل و إبعاده عن السلطة بل و جاءت الضربة الجوية الأولى للقوات الأمريكية بهدف القضاء عليه و لكنها فشلت
و منذ سقوط بغداد و تحول العراق إلى مستعمرة مات صدام حسين كرئيس و لكنه بقى كإنسان و صفحات غابرة في التاريخ العراقي و بات الهدف الأسمى هو تحويل العراق إلى نموذج عربي يحتذى و يؤثر في دول الجوار بديموقراطيته و حرياته و لكن الحسابات الخاطئة حالت دون ذلك و بات القضاء على صدام بشكل مقنع للعرب هدفاً أمريكياً .. و رغم عدم جدوى إعدامه أو حتى محاكمته فقد استمرت مسرحية المحكمة الهزلية بشهود يتم إخفائهم و قضاة يتم انتقائهم و محامون دفاع يتم اغتيالهم و غيرها من أمور لا تعرف للعدالة طريقاً
و رغم السهولة المتوقعة في إدانة رجل مثل صدام إلا أن الغباء الأمريكي جعل من صدام بطلاً أسطورياً فمر اعتقاله مرور الكرام على الرأي العام العربي و لكن إعدامه أثار الرأي العام و أثار المسلمين السنة ليس في العراق وحدها بل في كل العالم الإسلامي بسبب الغباء الأمريكي أيضاً في اختيار التوقيت و الأشخاص القائمين بعملية الإعدام و اللتي جائت بصورة تبعث على الغثيان فممثلي السلطة و العدالة ظهروا بلثام بينما المجرم و المتهم ظهر سافر الوجه في مفارقة أعطت شعوراً غريباً بأن الأوضاع في العراق معكوسة فالشرعية تـُقتل بأيدي المتهمين الحقيقيين
أعلم أن لثام القائمين بعملية الإعدام كان لإتقاء الإنتقام البعثي و السني منهم فيما بعد و لكن هل هذا يعني أن السلطة في العراق قوية ؟
عملية الإعدام نفسها ظهرت و كأن عصابة تنتقم من شخص و ليسوا أفراد سلطة و ممثلي قانون ينفذوا حكم قضائي عادل و شفاف
لم يكن هناك أي داعي لإعدام صدام حسين و إن كانوا فاعلين فليسجنوه مدى الحياة و لكن إعدامه لم يكن إلا مسمار جديد في نعش الجيش الأمريكي في العراق فصدام مات منذ سقطت بغداد