الجمعة، مارس 30، 2007

التعديلات الدستورية

التعديلات الدستورية
بعد بحث غير متحمس توصلت لصياغة التعديلات الدستورية الجديدة و هي تخص 34 مادة من الدستور المصري و لي على الصياغة ملاحظة و هي أن اللغة المصوغة بها التعديلات تحوي نوع من الركاكة و عدم الإهتمام بالألفاظ و أعتقد أن هذا ناتج من السرعة في وضع الصيغة الجديدة فضلاً عن التقيد بفلسفة محددة للتعديلات أرغمت المشرع على التقيد بها في صياغة المواد المعدلة
و فلسفة التعديلات أراها تحمل توجهين لا ثالث لهما و هما :
أولاً إلغاء الإشتراكية
ثانياً القضاء على الإخوان المسلمين في محفل السياسة و المجتمع
إلغاء الإشتراكية جاء بعد الوضع الحرج للحكومة و مؤسسات الدولة بعد بيع القطاع العام و بالتالي تقلص موارد الدولة إلى حد ما ناهيك عن الفساد اللذي يستنزف الموازنة العامة للدولة مما يجعل الدولة غير قادرة على الوفاء بإلتزاماتها خاصة الدعم بشتى صوره هذا فضلاً عن أن الرأسمالية سياسة إقتصادية رائعة تجعل النمو الإقتصادي سريع و قوي و لكن التوقيت اللذي أختير فيه التحول من الإشتراكية للرأسمالية جاء مبكراً عن موعده المناسب فللتحول للرأسمالية يجب القضاء على الفساد و القضاء على الأمية خاصة الأمية السياسية و الإقتصادية كما يجب تحرير السوق من قيود الحكومة - مؤقتاً - مثل الضرائب الغير مبررة كضريبة المبيعات و الجمارك المبالغ فيها تحت مبرر حماية الصناعة الوطنية رغم عدم وجود صناعة وطنية مائة بالمائة .. كما يجب رفع مستوى المعيشة لطبقات الشعب الدنيا لتحريك السوق و توفير خدمات على كافة المستويات أهمها التعليمية و الصحية بما يفي بمتطلبات المواطنين من كافة الفئات و في ذات الوقت لا يحمل الدولة أعباء جديدة .. و أيضاً يجب حماية الضرائب من التسرب و من الفساد مع تحديد نسب ضريبية متفاوتة تتناسب مع دخول أصحابها .. بإختصار فإن التحول من إشتراكية و دعم شبه كامل إلى رأس مالية و إقتصاد يعتمد على السوق و العرض و الطلب لا يمكن القيام به الآن قبل تحقيق الحد الأدنى من الأمان الإقتصادي للشعب و طبقاته كافة
و لكني أؤيد هذا التحول اللذي سيفسح المجال للإستثمار الأجنبي رغم قوانينه المجحفة لمصر و رغم قوانين العمل الغير عادلة بالمرة إلا أن الخطوة في حد ذاتها كبيرة و سديدة
و الجدير بالذكر هنا أن النهوض بالدولة نحو التطوير يجب أن يمر بخطوات التنازل عن العاطفية الدستورية و النعرات القومية الفارغة و هي آفة قوية الإنتشار في مجتمعنا المصري و على سبيل المثال إستهداف رؤوس الأموال الأجنبية - الكافرة و اليهودية - رغم خدمتها الأكيدة لإقتصادنا و مجتمعنا و شبابنا
أما القضاء على الإخوان المسلمين فهو هدف الحكومة بعد أن تبين لها تغلغل الإخوان في المجتمع بشكل مخيف فضلاً عن سيطرتهم التامة على جميع النقابات تقريباً و إتجاه الشعب إلى تأييدهم بعد يأسه من الحكومة خاصة أنهم يرفعون شعار الإسلام و هو ما يستقطب الغالبية العظمى من المصرين بغض النظر عن التوجهات الحقيقية للإخوان و بغض النظر عن تاريخهم الغير مشرف مع الأنظمة الحاكمة على مدار أكثر من 80 سنة هي عمر الإخوان في مصر
و كما قال كارل ماركس فإن الدين أفيون الشعوب أي مخدرها و مغيب عقولها فكل من يرتدي عباءة الدين و يمتلك قشرة من الثقافة الدينية يمتلك الصح المطلق في جميع أحواله و ذلك في نظر الأميين و الجهلاء .. و بالتالي فإن الخطر الداهم من قوة شوكة الإخوان يستوجب وقفة لتحجيمهم و إعادتهم لطبيعتهم الدينية البعيدة عن السياسة
أما النادبين و النابحين و القائلين بأن التعديلات الدستورية تمهد الطريق للتوريث فهم قصيري النظر كثيراً فكل ما جاء في التعديلات بما فيه توسيع سلطات رئيس الوزراء و وضعه الغير شرعي كحاكم مؤقت في غياب الرئيس لكون رئيس الوزراء معين و ليس منتخب .. كل ذلك جاء تحسباً لنمو إخواني برلماني قد يصل بهم لرئاسة البرلمان يوماً ما و هو أمر وارد في ظل النمو الشعبي المطرد اللذي يتمتعون به .. كذلك سلطة حل البرلمان دون الرجوع للشعب لنفس السبب السابق ذكره
يدل الخوف المرضي من الإخوان على إتساع الهوة بين نظام الحكم و بين الشعب و نشوء أزمة ثقة كبيرة بين الطرفين و هو ما لا يبشر بالخير في المستقبل القريب مما يحدوني إلى أن أأمل في أن يستشف النظام هذه القراءة و يعمل على تصحيح الأوضاع حتى يفوز بالمعركة اللتي أوشكت على جولتها الأخيرة
و نأتي لموقف المعارضة و اللتي أصبحت - بإيعاز إخواني - تعارض كل شيء و أي شيء يصدر عن النظام مما أفقدها الموضوعية و المصداقية معاً و جعل من الشرذمة شراذم و تفرقت الإتجاهات و ناصبت العداء لبعضها البعض .. و قد أتى ذلك التوجه نتيجة الإلتفاف الشعبي العارم حول المعارضة و نمو الإخوان و تعاطف الجماهير معهم على إعتبار أنهم مستضعفين و لا أجد فيمن يصف النظام بأنه في موقف حرج أو أوصاف من هذا القبيل .. لا أجده أصاب الحقيقة فالنظام يتعامل بطريقة ردود الأفعال و ليس بطريقة ممنهجة مدروسة و هو خطأ و لا شك و إن كانت التعديلات الدستورية رغم كونها ردود أفعال إلا أنها بداية طريق ممنهج مدروس لضبط آلة الدولة و كلي أمل أن يستغل المشرع هذه التعديلات في صياغة قوانين صالحة تتجه بنا إلى بر الأمان كما أنني كلي خوف أن تستمر سياسة ردود الأفعال و تتحول مصر إلى معركة بين النظام و الشعب و لن يخرج من تلك المعركة رابح واحد
و من الملاحظ أن هامش الحرية اللذي حصلت عليه الصحافة و المعارضة تحول إلى سياسات قذف و سب و إتهام بالباطل بجانب الإهانات و الإستخفاف برموز كبار و هو ما أراه طبيعياً تحت وطأة الأمية الثقافية و اللتي تدفع بحاملها نحو مهاجمة الشخصيات كشخصيات و ليس كأفعال و رموز
و كما حصل الشعب اللبناني على الديموقراطية فأساء إستخدامها و تحولت لبنان إلى بلد المليون زعيم و بلد المعارك السياسية اللتي تضر حتماً بالدولة شعباً و حكومة و إقتصاد نتجه نحن في نفس الطريق لنتحول إلى مجموعة من الأطفال نبكي و نصرخ و نصخب و نرد الصاع بالصاع .. قد يكون السيد أحمد نظيف رئيس الوزراء محقاً إلى حد ما في وصف الشعب المصري بعدم النضوج السياسي .. و لا أنكر أن الحكومات المتعاقبة لها قصب السبق في الوصول بالشعب إلى هذه النتائج و لكن أعتقد أن الوقت قد حان للتغيير و التحول إلى الرقي و الموضوعية و الحياد ... فقط حان الوقت و لكن هل سيتم الإنتباه إلى هذه الفرصة أم لا ؟ .. هل سيتحول الشعب من نصف أمي إلى نصف مثقف أم لا ؟ هذا هو السؤال

السبت، مارس 17، 2007

عن الدستور سألوني ..

عن الدستور سألوني ..
التغيير حاجة جميلة جداً خصوصاً لما يكون تغيير جلد .. و تغيير أسلوب الكتابة من لغة عربية فصحى جامدة صلبة منفرة للغة عامية قريبة من القلب شيء جميل و مشجع على القراءة
كمان تغيير الملابس من صيفي لشتوي و العكس و من قميص لتي شيرت و من بدلة لجاكت و من بنطلون لشورت .. كل ده جميل و لذيذ و ابن حلال مصفي
فاضل تغيير الحالة المزاجية بعد ما غيرنا أسلوب الكتابة و غيرنا الهدوم بس المشكلة إن الهدوم و الكتابة شيء في إيدينا نقدر نقلع و نلبس و خلوا بالكم من كلمة نلبس لإننا ساعات بنلبس و ما نقدرش نقلع و ساعات بنلبس و احنا لابسين .. أهو زيادة الخير خيرين .. و الكتابة نقدر نغيرها بسهولة حتى لو حبينا نكتب بلغة الماو ماو ممكن نتعلمها و نكتب بيها لكن تغيير الحالة المزاجية من قرف و يأس و إحباط و تشاؤم و رفض للحياة .. إلى عكس كل ده شيء مش سهل و تقريباً شبه مستحيل تغييره بإيدينا .. و زي ما إيدينا عاجزة عن التغيير كمان ما لهاش ذنب في وصولنا للحالة دي
الدستور المصري قالوا هيغيروه .. طيب ما هو جميل جداً انه يتغير و هي الناس معترضة ليه على تغييره هو التغيير وحش ؟
بالعكس التغيير جميل للي عايش فيه .. و الدستور في لغة العامية هو التنبيه لما يكون الواحد داخل بيت فيه حريم و خايف عينه الطاهرة تقع على حرمة منهم يقوم يشيل ذنب عدم غض البصر و مين عارف يمكن تحصل نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء و على القاريء أن يعذرني في عدم تنوين الكلام لأني قرفان حبتين
و لما كنا بنتكلم بالبلدي فلازم كمان نقول الدستور بالبلدي و قد سبق شرحه .. نرجع بأه لدستور البلد اللي هو مش بالبلدي لا ده باللغة الفصحى و الدستور ده يختلف عن الدستور بتاع نظرة فابتسامة لان دستور البلد هو القاعدة بتاعتها .. عمركو شفتو بلد من غير قاعدة ؟
طيب المسئولين تفضلوا مشكورين و أعلنوا إنهم هيغيروا الدستور .. و انا شخصيا عرفت بالصدفة - أيو الله بالصدفة - إن عدد المواد اللي هيغيروها في الدستور 34 مادة .. و قالوا كمان إن المواد اللي هتتغير هتتعرض على الشعب قبل ما تتغير عشان الناس تقول رأيها في التغيير .. و بصرف النظر شوية عن حكاية رأي الناس اللي هي مشغولة بترتيب الأهلي في الدوري و فاضل له كام نقطة عشان ياخد الدرع الميمون بتاع الدوري و ناس تانية مشغولة بأسعار الفراخ اللي أصبحت زائر عزيز على موائد المصريين و ناس تالتة مشغولة بقروض البنوك اللي بقت متاحة لكل مين هب و دب بس المهم ما يكونش من محدودي الدخل يعني لا يقل مرتبه عن 1200 جنيه و ناس رابعة عايزة تتجوز و مش عارفة و ناس خامسة متجوزة و عايزة تنفصل و مش عارفة و ناس خامسة مش لاقية تاكل من أصله و ناس سادسة عايشة في رعب بسبب إنهم بيشتغلوا في قطاع خاص و قانون العمل الجديد الله يعمر بيته بيخول صاحب العمل إنه يبيع و يشتري في العمالة اللي عنده و يرفد و يعين و يلعب معاهم بالبيضة و الحجر و لا حد يقدر يقول له تلت التلاتة كام و ناس سابعة لسة عايشة في إشتغالة أكياس الدم المغشوشة و متابعاها عن كثب و ناس تامنة ثائرة و وشها أحمر و صوتها عالي عشان مذبحة الأسرى المصريين و ناس بتصرخ من أسعار الشقق و إيجارات المحلات و ناس بتصوت من أسعار مواد البناء و ناس بتلطم من الأمراض المزمنة
الناس بقت بتشحت من بعضها و الشحات بيختار أفقر ناس عشان يشحت منهم .. تلاقي الشحات من دول راح طالع أوتوبيس أو مترو و هو ماسك ورقة و يقولك أنا عندي شلل أطفال و مش لاقي أتعالج و اللي عنده فشل كلوي و اللي عنده الكبد و خد من المنقي خيار طول ما انت خارج البيت .. الله .. طيب ما هو اللي انت بتشحت منهم دول يا عم يا شحات كل واحد فيهم بيتمنى يشحت زيك ده إذا كان مش شحات زيك بالفعل .. ثم الفساد بتاع درج الموظفين اللي بيتفتح عشان طالب الخدمة يتبرع فيه بالشاي بتاع الموظف اللي هو كمان بدوره هيتبرع و يخلصلك ورقك ده سببه إيه ؟ ده سببه إن الموظف مش لاقي ياكل و لا يأكل أولاده و لا يعيشهم و لا يعلمهم و لا يلبسهم و لا يعالجهم .. مش هقولك انه عايز يصيف مثلاً أو عايز يخرج خروجة جامدة هو و المدام و الأولاد و يقعدوا على قهوة الفيشاوي في الحسين و الراجل يدفع نص مرتبه في اتنين شاي و واحد سحلب و شيشة مشروبة قبل كده
المدرس الوحش الشرير اللي بيدي دروس خصوصية و كمان بيدفع العيال عشان ياخدوها بيعمل كده ليه ؟ ما هو الراجل مش لاقي ياكل يا اخواننا و محتاج فلوس عشان يعيش زي بقية العالم ما هي عايشة .. هو كون الإنسان يمتلك سيارة و شقة واسعة و رصيد في البنك و وظيفة محترمة و يقدر يشتري اللي بيتمناه و يقدر يسافر في رحلات سياحية داخل أو خارج البلد ده يسموه إيه .. ترف .. رفاهية .. أهو الترف و الرفاهية دول من أبسط حقوق الإنسان عشان يقدر هذا الإنسان ينتج و يعيش و يكون كامل الأهلية و الشخصية .. إذا الإنسان ما لاقاش العلاج المناسب لأمراضه هتكبر و تزيد و تبقى كوارث .. إذا ما عرفش يعلم أولاده تعليم محترم هيبقوا حرامية و نصابين و قطاع طرق و متحرشين بالنساء إذا ما عرفش يتجوز هيزني و ينحرف و يدور له على واحدة يقف معاها على كورنيش النيل و يركبوا مع بعض الأوتوبيس المكيف
نرجع للدستور تاني .. السادة المسئولين قالوا هيغيروه لكن لا قالوا إيه هي المواد اللي هتتغير و لا إيه هو التغيير و لا الفكر و الفلسفة و الآليات اللتي ستؤدي إلى التغيير .. يعني أنا كل اللي أعرفه إن الدستور هيتغير و أعرف كمان إن 34 مادة منه اللي هيتغيروا لكن لا أعرف المواد و لا تغييرها هيكون إيه .. طيب فين مشاركة الشعب في صنع القرار .. بلاش صنع القرار .. المشاركة في التغيير حتى و نبقى عارفين هيحصل ايه

الهروب إلى الجحيم

الهروب إلى الجحيم
تعلمنا منذ الصغر أن الهروب يمثل عار على فاعله فهو يجبن عن مواجهة الواقع فيولي وجهه شطراً آخر و يتجاهل أو ربما يتناسى واقعه اللذي يتهرب منه و قد يكون واقعاً مريراً ناتج عن صلف و غوغائية أدت إليه و بالتالي فالفاعل جدير بالعقاب و بالعثرات اللتي هرب منها و يستحقها عن جدارة و قد يكون واقعاً قدرياً لا دخل للفاعل فيه و لا ناقة له و لا جمل في تقريره و تقديره بل أتى دونما تدخل لا من قريب و لا من بعيد كمن تصدمه سيارة فلا تقتله و لا تتركه يعيش بل تضعه في حال بيني بين الموت و الحياة ليحيا نصف ميت أو نصف حي .. و لا تقتصر حياة النصفية على صدمة السيارة و لا على الأضرار الجسدية المؤلمة و الجارحة بل قد تكون أقل و أخف كثيراً من الأضرار النفسية اللتي هي مثار العلاج و الأبحاث من أقصى الأرض لأقصاها عندما تكون ناتجة عن ضرر جسدي أو معنوي .. و تبقى الأقدار أقوى المسببات لأحوال منتصفي الحياة و منتصفي الموت فحتى من يتصفون بالعناد و الحيوية يصطدمون يوماً ما بحقيقة مريرة عندما يجدون أنفسهم و ربما قلوبهم رهن أيدي الضعاف الغير قادرين على مواجهة الواقع و تحديه .. و قد يكونوا بضعفهم قاتلين لقلوب تعلقت بهم و ما بأيديهم حيلة
هؤلاء الضعاف ليسوا قابلين للتغيير مهما استبد بهم الحال و زاد على كاهلهم الظلم و لا أدري حقاً كيف يستطيعون أن يحيوا هكذا حياة .. لا أدري كيف يتحملوا القمع و فرض الإرادة مهما كان مصدرهما فالظلم و سلب الإرادة حقيقة واحدة أياً كان فاعلها أباً كان أو حكومة أو نظاماً أو قانون .. النتيجة واحدة و شديدة السواد و المرار ... لا أدري كيف لا يثورون لحقوقهم و لتحقيق أبسط آمالهم و تحرير إرادتهم من محتكريها بدعوى الوصاية و المصلحة و العقلانية المزعومة و المنطقية ذات الوجه الواحد .. لا أدري كيف ينظرون إلى حاضرهم و مستقبلهم اللذي لا يُرى فيه خيراً طالما الحياة بالنسبة لهم ما هي إلا إعتماد على الغير ممن يدعمونها بالمال و بالفكر و بالتوجيه و بالنصح .. لا أدري لماذا لا يفكروا ملياً في مواقف قد يفقدون فيها من يعتمدوا عليه للأبد فماذا هم فاعلين ؟
إن الإنسان يأتي إلى الدنيا فرداً و يتركها فرداً و يواجه مصائره الحيوية فرداً حياً و ميتاً و تبقى المنطقية الشخصية و العقلية الفردية الأساس القاعدي في ردود الأفعال الطبيعية و ليس الوصاة هم من يملون علينا تصرفاتنا في المواقف الفردية اللتي تواجهنا كما أن هؤلاء الوصاة ليسو مخلدون في هذه الدنيا و ليس ارتباطنا بهم رباط دموي عضوي حتى لا ينفصل يوماً ما .. هذه هي نظرتي لهؤلاء الضعاف و وجهة نظري في الحياة
و عندما تكون الأقدار هي المسبب الرئيسي لحالة نصف الحياة و نصف الموت يبقى العجز عن تغيير الحال هو الوضع السائد و مهما كنا أقوياء و قادرين على التحكم بإنفعالاتنا نقف أمام القدر عجزة مشلولين مسلوبي الإرادة .... بل أن التخكم القدري المعجز يكون أكثر عمقاً في تأثيره على الأقوياء منه على الضعفاء ذلك أن الأقوياء لا يرضون إلا بما يرضيهم و عندما يصيبهم القدر في مقتل فإن العجز عن مواجهته تترك في أنفسهم جراح عميقة لا تندمل بسهولة و قد لا تندمل أبداً و تصبح من الآثار الغائرة في تكوين شخوصهم و من مقومات بناء فكرهم و قد تذهب إلى جعلهم شخوص مستسلمة غير مبالية و لا آبهة بأي شيء عظم أو صغر فعندما تتحطم الآمال جميعها و تتبخر الأحلام كلها تصبح كل الأرقام مساوية لبعضها و يختفي المنطق الرياضي من حياة الإنسان و تتساوى ردود أفعاله أمام كل شيء فكل شيء سواء
و في النهاية تبرز فكرة الهروب من الواقع المؤلم إلى واقع أكثر إشراقاً و لما كان الأمل في الإشراق بات مقتولاً فلا بأس من خلق واقع خاص جداً مشرق و لو للحظات فليحصل كل منا على حلمه المدمر على طريقته الخاصة إما بالإنحراف أو بالإنتحار فليكن هروباً حتى لو كان إلى الجحيم

السبت، مارس 03، 2007

الفوز باللذات .. أم الموت بالحسرات ؟

يفوز باللذات كل مغامر و يموت بالحسرات كل جبان ... قول مأثور يبين أن الشجاعة و الجرأة عاملان حيويان لبلوغ المنال ، بداية لابد منها للولوج في صلب الموضوع اللذي أثارته في وجداني مجرد أغنية للعظيمة نجاة الصغيرة كتبها المبدع الرقيق حسين السيد و لحنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب و هي أغنية " ساكن قصادي و بحبه "
يوضح سياق الأغنية حالة حب جارف من فتاة لرجل يجاورها السكن و لكنها لا تستطيع مصارحته بمشاعرها و تظل تكتمها و تراقبه و تنتظر أن تسنح الفرصة لمجرد السلام عليه أو مكالمته بصفته جار لها و تظل تقاسي عذاب الحب من طرف واحد مع تجاهله لحبها لكونها لم تصرح أو حتى تلمح به و هو لا يدري عنه شيء ... ظلت الفتاة تتابعه حين غدوه و رواحه و يكبر في قلبها الحب تجاهه و تحلم به زوجاً لها و تفكر أنه قد يشعر بها حين لقائها و لكن عبثاً فكرت و حلمت .. حتى استيقظت ذات يوم على حفل زواج لم تدر أنه لجارها الحبيب و فوجئت بأنه عرسه
ثم ذهبت الفتاة لحضور العرس و هي تعتصر الحزن من قلبها الصغير و كم شعرت بفداحة المصاب حين رأت حبيبها يجاور عروسه و يداعبها و علمت أنها النهاية الحزينة لحبها الكبير لجارها و تأكدت أن غيرها قد أصبح الآن أحق به منها
إلى هنا تنتهي الأغنية و تتركنا نتأمل في حال الفتاة و كيف أصبحت بعد صدمتها القاسية في مشاعرها .. و أجد نفسي أمام مجموعة تساؤلات بعد أن استمعت لتلك الأغنية و هي لماذا لا تجرؤ الفتاة على مصارحة من تحبه ؟ و لماذا تنتظر حتى يشعر هو بها و قد يطول انتظارها حتى يتزوج المحبوب من أخرى ؟
و لماذا الخلط دائماً بين فلسفة الحب و فلسفة الزواج في مجتمعاتنا العربية ؟
كبداية يجب أن أتطرق للنظرة الأنثوية للمشاعر الذاتية و للمشاعر المقابلة فكل شخص يحكم بشكل نوعي ذاتي على الآخرين دون الوضع في الإعتبار أن هناك إختلافاً كاد أن يكون جوهرياً في التكوين النفسي و الفكري بمعنى أن الأنثى لا تستطيع تغيير إحتمالات ردود أفعال الذكر تبعاً لإختلافه النوعي و تكتفي بالحكم عليه بناءاً على خلفياتها الفكرية المبنية حتماً على نوعها الجنسي و بالعكس أيضاً تكون إحتمالات ردود الأفعال لدى الرجل مبنية على قواعده الفكرية النوعية ، قد يكون إدراك هذه المسئلة أعقد قليلاً من إدراك الإختلافات الفكرية بين أبناء النوع الواحد
و للموروثات الإجتماعية في شرقنا العربي دور كبير في توجيه عجلة الأفعال لدى الجنسين و لها أيضاً دور في رسم طريق يوشك على الثبات مهما تغيرت الشخصيات و تبدلت الأفكار و هذا ما نطلق عليه العادات و التقاليد و هو أمر مقيت يجبر الإنسان على تأطير نفسه في قالب محدد بغض النظر عن الرغبات الشخصية و النوازع الفكرية الأخرى مما يجعله يخضع صاغراً للأصول الإجتماعية المعتادة و يضحي بكل معاني الحرية من أجل ممارسة حياته الطبيعية
و في شخصية الأنثى الخجولة لدرجة التضحية بسعادتها و قتل مشاعرها النامية لنا الكثير من النقد و التعليق فإن كانت نهاية العالم بالنسبة للمرأة هي أن تعترف بمشاعرها لرجل لا يبادلها نفس الشعور فلا شك أن نهاية حياتها و سعادتها هي الصمت على مشاعرها حتى تضيع كل الفرص في نيل حب عمرها و سعادتها الأبدية .. أي أن الإعتراف بالحب و إن لم يكن متبادلاً أجدى من كتمانه حتى يموت الأمل بضياع المحبوب
و الجدير بالتأمل أيضاً أن الظروف بشتى مسمياتها قد تختلف بين إثنين مما يدفع أحدهما لكتمان أو نفي مشاعره تحسباً لمشكلات عائلية قد تنجم إذا باح كل طرف للآخر بما يكنه له خاصة و أن الزواج هو النهاية الطبيعية المفترضة لكل علاقة حب أو هكذا ينظر المجتمع لنفسه .. و لكني أرى أن اختلاف الظروف ليس بالأمر القاهر للتضحية بالسعادة في الحياة فالمشاعر عندما تقترن بمشاعر أخرى تكفي و تزيد لخوض معترك الحياة أياً كانت التحديات بينما الظروف إذا اقترنت بظروف فسرعان ما تتغير و تتبدل و ينتهي القران نهاية حزينة أي أن إقتران المشاعر هو الأصل في علاقة الحب فبالمشاعر تتولد المودة و الرحمة و منها تنبع الغيرة و الشوق و فيها تكون اللهفة و الحنين بينما الظروف أي الفقر و الغنى أو الثراء أمور تفتقر إلى الديمومة كما تفتقر أيضاً إلى الإنسانية فالإنسان كائن حي يولد و يموت بنفس الكيفية على إختلاف الدرجات و المناصب ... و بصفة عامة فإن الظروف مادية كانت أو إجتماعية لا تمثل مقياساً حقيقياً لضمان الصحة و السلامة لعلاقة الزواج فالأكثر أهمية هو الشخوص المتعايشة مع بعضها البعض و كم تكن لبعضها من مشاعر و طبيعة هذه المشاعر
قد يرى البعض أن كلماتي تتطلع نحو قلب موازين الحياة و تطلب أن تنعكس الأوضاع من حيث خجل الأنثى و جراة الرجل ولهؤلاء أقول أننا كمجتمع يستمد خطوات حاضره من ماضيه نعيش على التراث الإجتماعي بإعتباره الصحيح المطلق و الحقيقة المجردة الناصعة السليمة لخوض عباب المستقبل في حين أننا نتناسى أن من وضع ذلك التراث الغابر هم بشر مثلنا و أجداد لنا و ليست القضية قضية تكوين النفس الإنسانية و طبيعتها بدليل أن غيرنا كعرب من شعوب و ثقافات تنتهج طرق أكثر جدوى و أوضح أهدافاً مما ننتهجه نحن و هذا يكفي ليدل على أننا نسجن أنفسنا داخل أطر قد وضعها لنا سابقون رغم أننا نملك مقاليد تغييرها بأنفسنا إلا أننا نكتفي بالتقليد و المحاكاة على إعتبار أنها الأصول و العادات و التقاليد الصحيحة ناهيك عن المخاوف الطفولية اللتي تملأ قلوب السذج من إختراق تلك القواعد الإجتماعية
و لابد هنا أن نوضح الإختلاف الجوهري بين فلسفة الحب و فلسفة الزواج ... الحب هو إقتران روحي ناتج عن تطابق في ميول و نوازع شخصية تمثل الكثير للطرفين مما يؤدي إلى راحة نفسية كبيرة في الإجتماع و تطلع نحو حماية الطرف الآخر من المكاره و يعتمد الحب في المقام الأول على الحرمان و المسافات الفاصلة سواء كانت مكانية أو زمانية و هو الأمر اللذي يدفع بالطرفين نحو تعويض الحنين في اللحظات القليلة للقاء أياً كانت صور هذا التعويض .. و بطبيعة البشر ينحو الطرفان نحو تمام الإقتراب المكاني و الزماني بينهما حتى يصل شعور الراحة النفسية للكمال مما يحدو بهما نحو التطلع للتعايش الدائم و بالتالي يكون الزواج
بينما الزواج هو في حقيقته وسيلة من وسائل التناسل و التكاثر و يحمل في ثناياه أمور تدعم التعايش البشري كعامل الإستقرار و تقسيم المهام الغير نوعية بين الطرفين ... و لما كان الإجتماع بين طرفين مختلفين نوعياً تترتب عليه آثار إجتماعية فكان لابد من وضع أسس و قواعد لتنظيمه فالإختلاف بين البشر كبير و كثير و لولا الإختلاف البشري لما وجدت القوانين و القواعد

الخميس، مارس 01، 2007

فضفضة

في كل شيء أرى اليأس و القنوط ... جملة أبدأ بها لا أشك لحظة في كونها سبباً وجيهاً لنفور أي قاريء سيقرأ هذا الموضوع .. و لكنها حقيقة واقعة أمام عيني أزداد بها قناعة يوماً بعد يوم و لحظة بعد لحظة ، لا أمل في شيء و لا بصيص من الضوء في الأفق البعيد أو القريب
منتدى الشباب
أول مكان يرى مناقشاتي على الفضاء الإليكتروني و ليس غروراً أن أقرن هذا المنتدى بمناقشاتي و ليس العكس فهو معقل التخلف و الرجعية و مدرسة الغباء الغير محدود و مصنع الحماقة و الإنحياز الأعمى المتخلف عقلياً و حضارياً و ثقافياً و فنياً ، هو مثال صارخ على المستوى المنحط الدنيء اللذي وصلت له أخلاقنا من تقية و نفاق و رياء و مسح جوخ و ديكتاتورية و فرض الرأي و الإرادة الفردية الغير مسئولة بالمرة ، يقوم عليه و يديره شخص مثير للشفقة حقاً و صدقاً رغم شدة رجعيته و تخلفه إلا أن السذاجة الغير مسبوقة اللتي يتمتع بها تثير الشفقة عليه و على كل من يتعلق في مسئوليته ، و رغم حصوله على إجازة بالفتوى فضلاً عن الدكتوراة في مجال الحاسب - على ما أعتقد - إلا أن عقليته اللتي غلفها الضباب بل الظلام تأبى أن تخرج من قبرها تحت أطنان الثرى الندي اللذي أصابها بالتعفن و التحلل فهو لا يقبل المناقشة أو بالأحرى غير قابل للمناقشة و قد ساعده على ذلك إمتلاكه لكيان تجاري يرزح تحت إمرته عليه كل مسئول في منتداه و عليه فإن كل شخص ينتقيه لتحمل جزء من مسئولية منتداه يجب أن يكون نسخة طبق الأصل من فكره الظلامي المتخلف ... إنه يرفض أي شكل للإختلاف ليس معه فقط بل مع فكره في كل شيء فهو صاحب خط محدد فكرياً يرى أن الدنيا لا قيمة لها بجانب الآخرة - رغم عمله الدؤوب للدنيا - و بالتالي فمن الأفضل بل من الإيمان تركها بعلومها و فنونها و حضارتها و كل ما فيها من فضائل و شمائل و الزهد فيها طلباً للآخرة و هو فكر ساد كنتيجة طبيعية للفقر و الجهل الشاملين و إنعكاس طبيعي لضيق الحياة على كل البشر في عصر إما أن يقتل الضعيف فيه نفسه أو أن يصدع للقوي فيه
لا أفضح سراً حين أقول أن نزوع العامة نحو التدين السطحي القشري ناتج طبيعي للفقر و الجهل و الأمراض النفسية اللتي خلفها القمع الثقافي و العلمي و الإجتماعي اللذين تفشوا في معظم البلدان العربية لأسباب سياسية تعلقت بأهداب الدين لتستمد شرعيتها و تنال النجاح الجماهيري الساحق
اللذي من المفترض أن يندى له جبين المتدين العصري أن يقف أمام سائل بلا علم شرعي قشري للرد عليه أو أن يجد نفسه ذاهلاً أمام حقيقة تاريخية تطرحها مناقشة بحثية دينية دون أن يجد في جعبته الحد الأدنى من العلم بها ثم يعود ليتعلق بالدين !
لقد نجح هؤلاء في تحقيق نتيجة واحدة لم يكونوا ليسعوا إليها أبدا و هي تحويل الليبراليين المسلمين إلى علمانيين أعداء لكل ما هو ديني أو متدين كنتيجة لتعصبهم الصارخ المفتقر إلى أي قواعد علمية تقيم من أوده و بانتشار القشرية الدينية انتشرت القشرية العلمانية كرد فعل طبيعي لها
فقهاء الرصيف
أينما وجهت وجهك تلتقط أذنك صوتاً لفقيه يصدر من كاسيت يتحدث عن عذاب القبر أو خلق الإنسان أو المهدي المنتظر أو علامات الساعة أو غيرها من الموضوعات اللتي تزخر بها شرائط الرصيف لأشخاص إما مجهولو الهوية و إما متسطحي العلم ، و يشتد الإصغاء للدرس كلما أجهش المتحدث بالبكاء كدليل على إيمانه العميق و ورعه المخلص لما هو قانع به و يتحدث فيه
لن أتطرق هاهنا لإشكالية أحاديث الغيبيات كالمهدي المنتظر و علامات الساعة و عذاب القبر حيث أن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يكن يعلم الغيب حتى يتحدث عنه و ينبيء به و إنما سأكتفي بالآثار الناتجة عن هذه الشرائط اللتي أصبحت تنخر في جسد المجتمع و تدفعه نحو الإنتحار و الشقاق و التصادم فهي إن لم تحرض على الفتنة فهي تغيب العقول و تدخلها في سبات عميق فتنسى تحديات العصر أو تتناساها و تزهد في الدنيا دونما علم بمعنى الزهد بل و تزهد في العلم و الثقافة فضلاً عن زهدها الإجباري الناتج عن ضيق ذات اليد و غلاء كل ما هو متاح للعلم و التعلم و فضلاً عن منظومة تعليم مصرية تحتضر يوماً بعد يوم و تنتج لمصر أنصاف أو أرباع متعلمين يتفوق منهم نسبة أقل من أي معدل عالمي و تفوقهم غالباً يرجع لظروف مادية عالية
في مترو الأنفاق
ليس فقط في مترو الأنفاق بل في كل المواصلات العامة أصبح عادياً أن تجد نصف الجالسين و الجالسات و الواقفون أيضاً يفتحون المصاحف و يقرأون القرآن ... شيء رائع حقاً أن أجد مثل هذا الكم من العارفين بالله أو قل القريبين من الله ... في إحدى المرات سنحت لي الفرصة بمحادثة أحد هؤلاء القراء للقرآن و كان قد قرأ تواً آية اللعان فسألته عنه فسكت !
و لما استفسرت عن صمته وجدته لا يعرف ما هو اللعان فظننت أنه لا يعرف المسمى و لكن المؤكد أنه يعرف الحكم الشرعي .. و ذهلت حين علمت أنه لا يعرف المسمى و لا الحكم الشرعي و لا يعرف أي شئ يتعلق باللعان و كانت المفاجأة أن هؤلاء القراء لكتاب الله و دستور الإسلام و قانون حياة المسلمين يقرؤونه للتبرك و نيل الحسنات دون إدراك لمعانيه و أحكامه و يالها من طامة
أليس من الأجدى أن يقرأ هؤلاء كتاب الله بفهم و تركيز فعلى الأقل سيعلمون من دينهم الكثير مما يجهلون ؟
أليس من الأحرى أن يقرأ القاريء ما يفيده كأن يقرأ قصة أو جريدة بدلاً من قرائته لكتاب لا يفهم منه شيء و إنما للتبرك به فقط ؟
و الظاهرة الأخرى في المواصلات العامة أن تجد أحد الشباب و قد جهر بقراءة القرآن و علا صوته رغم تأفف من يجاوره و ليس القرآن فقط بل دأب الكثيرين على تشغيل موسيقى أو أغنية من موبايلاتهم و رفع الصوت ليسمع الجميع رغم أنوفهم ما يستمع له هو و يالها من حياة تلك اللتي تجبرك على الإحتكاك بالآخرين و تحملهم رغماً عن أنفك
الإخوان المسلمون
قيل و يقال و سيظل يقال أن الإخوان المسلمين يشكلون خطراً على مستقبل هذا البلد و أنا أؤيد تلك المقولة تأييداً تاماً و لكني لا أؤيد الهجوم الغير موضوعي و الأجوف و المغرض اللذي يتعرض لها الإخوان آناء الليل و أطراف النهار في وسائل الإعلام بمختلف أشكالها و توجهاتها فهم رغم أخطائهم لم يرتكبوا جرماً يستحق كل هذا التقريع و الهجوم بمناسبة و بدون مناسبة بل أن تنظيمهم و تكتلهم - الناتج عن يأس غالبية الشعب و بالتالي إلتفافه حولهم - يستحق التقدير و الإحترام و يبعث الغيرة في نفوس الأحزاب و التنظيمات السياسية الأخرى اللتي فشلت على مدار نصف قرن في صناعة قاعدة شعبية تضاهي نصف ما صنعه الإخوان و رغم أخطائهم فهم لهم الكثير من الأيادي البيضاء متمثلة في مؤسسات و جمعيات خيرية أنشأوها بجهود ذاتية و تمويل شخصي للتكافل الإجتماعي فأين هذا كله من الآخرين .. و لماذا كل هذا الهجوم و اللذي يأتي غالباً بنتائج عكسية إذ يزداد التعاطف الشعبي معهم على إعتبار أنهم مستضعفين و مغلوبين على أمرهم
الدعارة
كلمة قبيحة يترفع الكثيرين عن نطقها و لكن انتشارها حتم على هؤلاء المترفعون إستبدال اللفظ القبيح بألفاظ أخرى أكثر تأدباً و أكثر إقتراباً من العامية الدارجة و لا مجال هنا لذكر هذه الألفاظ .. ترفعاً !
الدعارة هي ثالث أضخم تجارة في العالم بعد تجارة السلاح و تجارة المخدرات و كلها نشاطات غير شرعية و لكن ليس في كل العالم فبعض الدول تشرع تجارة السلاح كالولايات المتحدة و بعضها تشرع تجارة المخدرات كاليمن ( القات ) و معظمها تشرع الدعارة و تسن لها القوانين و تشدد عليها الرقابة الصحية منعاً لإنتشار الأمراض و قد كانت مصر قبل الثورة من الدول اللتي تشرع الدعارة و تقننها و حالياً تأتي إمارة دبي و بعض دول الخليج في قائمة تشريع الدعارة
و الحقيقية أن الدعارة رغم كونها رذيلة مذمومة و كونها من المحرمات شديدة التحريم في كل الأديان السماوية إلا أن تشريعها يعد حلاً لا بأس به للعديد من المشكلات ، و حرمتها لا تمنع تشريعها فكون القانون ينظم حياة الفرد و المجتمع لا يجعل منه وصياً على الفرد و المجتمع فالقانون مجرد إطار يحوي بداخله معاملات البشر للحد من أو منع الجرائم و ليس القانون قواعد لفرض الأخلاق و القيم و المباديء
و قبل أن يذبحني الذابحون على مذبح قرابين الرياء يجب أن يعلموا أن إحدى لجان الأمم المتحدة قد أصدرت بياناً يدعو لعدم إحتفاظ الأنثى بعذريتها لكون إحتفاظها بها نوعاً من الكبت الجنسي فضلاً عن دعوة هذا البيان لإطلاق حرية ممارسة الجنس للأنثى على اعتبار أن منعها من تلك الحرية يعد تمييزاً ضدها .. و قبل أن تأتينا الكوارث من خارج الحدود أفضل أن نتحصن لها و نضع لها الحدود و ليس خافياً على أحد كم المشاكل الناشئة نتيجة الإباحية المستترة كالتحرش و الطلاق و العنوسة و الزواج الغير متكافيء بل و الفقر و كساد السوق و عدم الإخلاص في العمل و النفاق و غيرها من مشكلات ناشئة عن نواقص نفسية تفضح عدم الإستقرار النفسي و ليس الجنس كل حلولها و لكنه حل من حلولها قد يأتي بالكثير إذا أبيح قانوناً
الشهيد البطل تامر حسني !
ليست غيرة ذكورية و لا قول حاقد أو حاسد بل هو تعجب و إستغراب من ردود الأفعال حينما تم القبض على المطرب ( و ليس له بالطرب آية علاقة ) تامر حسني لأنه تهرب من الخدمة العسكرية .. لا أدري لماذا تذكرت اليوم هذا الحدث رغم مرور الكثير على حدوثه
و لا أدري لماذا و كيف و متى نال هذا الشاب كل هذا الإهتمام الأنثوي و الدفاع عن هروبه من واجبه الوطني نحو أرض أنشأته و جعلت منه شيء .. قد تكون ذاكرتي تم استفزازها حينما بحثت عن رمز يلتف حوله الجمهور فلم تجد و قد يكون التهافت الشعبي حول تامر حسني مستفزاً لكونه دفاع عن هارب من التجنيد و ليس دفاع عن مظلوم أو مكلوم
لا أستطيع إنكار أنني أستمع لأغانيه كما لا أستطيع إنكار إعجابي ببعضها على إعتبار أنها شبابية و لا علاقة لها بالفن اللذي تعلمته من ملاحم كوكب الشرق و موسيقار الأجيال و العندليب الأسمر و فيروز و فريد الأطرش و نجاة و غيرهم من عمالقة بل مردة و أساطين الفن و الطرب
و لكن إعجابي هذا لا ينفي إستنكاري للنظرة الغير عادلة لمتهرب من التجنيد و بغض النظر عن ما قد تهرب منه إلا أن الفعل في حد ذاته مشين فالتهرب من التجنيد جريمة يعاقب عليها القانون و في ذات الوقت هي جريمة مخلة بالشرف و طعن في الوطنية و إذا نظرنا بمفهوم الجريمة التجريدي فالدفاع عن مجرم و الإلتفاف حوله و تأييده بهذا الشكل يدل على أن هناك خلل ليس بالصغير أو الهين حتى يمر مرور الكرام دون وقفة و بحث وراء أسبابه ... إنها ليست عبارة غرقت أو قطار إحترق أو مليارات نهبت و ليست حادثة سير أو كلاب أمير نهشت في وجه طفلة .. فكلها جرائم واضحة صريحة و مرفوضة حتى و إن كان الرافضون لها قلة فلن تجد لها مؤيد واحد .. إن تغير الإحساس بالوطن و اللذي قد يصل إلى حد إهدار حقه فينا كشباب كارثة تنبيء بما هو أكبر و أفدح فتامر حسني حالة فردية أفتضح أمرها إعلامياً و لكن المشكلة ليست فيه هو بل في من ثار و أغار نتيجة معاقبته على جريمته فعندما نجد من يدافع عن الجريمة و بهذا العدد المهول و من يؤثر إعجابه أو حتى حبه لشخص على حبه لوطنه و إعتزازه به فهي كارثة ضخمة يجب علاجها فوراً قبل أن يسبق السيف العزل