الثلاثاء، ديسمبر 02، 2008

سطوة المرأة

سطوة المرأة
الليلة لم أستطع النوم جاءني هاجس ملح و قدير يمنعني النوم و لا يترك عقلي يستريح لحظة من التفكير ، لم أكن لأستسلم له لولا منطقيته و دلائله التاريخية و الإنسانية و المعاصرة أيضاً ، و دلائله الشخصية كذلك
إن هاجسي المؤرق هو إنبهاري بسطوة المرأة على الرجل ، نعم لا خطأ إملائي و لا لغوي في الجملة إنها جملة مجردة تستلهم تجريدها من تجريد الحقيقة لا قناع الواقع فالواقع دائماً يفتقر إلى تفسير حقيقي و قد ينبري المفسرون للواقع في إسناده ظلماً إلى لا منطقيات يحولها تعليلهم و حرصهم على منطقتها إلى منطقيات نقتنع بها منطقاً و لا تقنعنا حقيقة
إن الواقع يعرب عن صدوعه لمسلمة سطوة الرجل على المرأة و يساند ذلك الصدوع و يعضده عدة مباديء و معارف منها التاريخي و منها العلمي و هي في مجملها تؤدي بنا إلى الإعتراف و التسليم بواقع نراه و نقتنع به منطقاً بأن الرجل مسيطر على المرأة ، ننخدع دائماً بلمعان الذهب و لا نتوقع ليونة تماسكه و هشاشة جزيئاته كما ننخدع بصلابة الألومينيوم و لا نتوقع خفة وزنه في حين هي حقيقة
كذلك ننخدع برؤيانا الفريدة لسلطة الرجل على المرأة ، تلك السلطة اللتي منحتها إياه الأديان و الأعراف و طبيعته البيولوجية و أخيراً منحها إياه المجتمع لا سيما الشرقي و اللذي يرفض - شكلاً - أي نوع من أنواع تميز الأنوثة على الذكورة رغم أن ذلك المجتمع أيضاً مخدوع في تصوره و رفضه
إن المرأة تمتلك من المقاليد اللتي تمكنها ليس فقط من ترويض الرجل بل من تحريكه عن بعد ، تمتلك من تلك المقاليد ما لا يمكن تصوره خاصة إذا كان الرجل المستهدف قد رضي و سلم كل مفاتيح قواه - دون أن يدري - لتلك المرأة ، و اللتي عندما تحترف التحكم في رجلها فإنها تبدع في تحكمها و تنفرد بخلق معجزات إن أرادت و إيقاع كوارث إن أحبت
تاريخياً لم يكن هناك رجل عظيم بلا إمرأة و قد يضعها التاريخ - المدون من وجهة ذكورية - موضع المحظية أو الجارية أو على أفضل الأحوال الزوجة صاحبة الجهد العادي و الطبيعي في مجال حياتها بينما تقترب الحقيقة من الأسطورة حين نجد هيروديا تعبث بإرادة زوجها هيرودوس مرتين مرة عندما دفعته للإستيلاء عليها و إنتزاعها من أخيه إذ كانت زوجته و مرة بدس إبنتها سالومي عليه لتحقق أمها رغبة مجنونة في قتل يحي عليه السلام
و قد كان و فعلت سالومي المعجزة بل الكارثة بأن دفعت هيرودوس لقتل نبي من أنبياء الله في مقابل .... رقصة من سالومي الجميلة
بيد أن الجمال وحده ليس الدافع الأكبر لتسلب المرأة إرادة الرجل فالجمال رغم تنوعه و عدم نسبته إلى الجسد فقط إلا أنه وحده ليس مؤثراً نفسياً كافياً لنيل المطالب بل هناك ما هو أوقع و أشد تأثيراً ألا و هو ضعف الأنثى و لعمري ما هو بضعف البتة بل هو جبروت يقطر جحيماً لولا إحتمال بعضنا له لإحترقت الدنيا و ما عليها بلهيبه اللافح و برمضائه المستعرة
لم يذكر التاريخ عظيماً كطاغية أو كصالح إلا و كانت إمرأة تلوح في أفقه فمنذ بدء الخليقة و التلازم النسائي للرجل لا ينقطع بشكله القصصي الدرامي أو بشكله القصصي الإجرامي أو بشكله القصصي الحميد فآدم لازمته حواء و لم يكن الشيطان ليدخل لآدم و يعبث بعقيدته إلا من خلال ما يمكن وصفه بالتحكم المركزي و اللا محدود في إرادته و هو حواء ، لا أدين حواء هنا فليس ذنبها أن كانت ذات سطوة لا تقاوم على زوجها كما أني لا أدين إقليما أخت قابيل أن كانت أجمل من ليوثا أخت قابيل و لا أدعي أن إقليما هي المتسبب في قتل قابيل و المتسبب أيضاً في جعل جيوش البشر التالين بصالحيهم و طغاتهم هم أبناء القاتل ، إنما أنا أرصد وقائع تشي بحقائق لا مراء فيها و لا جدال
كذلك لا أدين كليوباترا السابعة اللتي حرضت يوليوس قيصر على قتل أخيها بطليموس الثالث عشر ثم تركت يوليوس قيصر لتتزوج من ماركوس أنطونيوس و اللذي إنتحر عقب هزيمته في معركة أكتيوم البحرية غربي اليونان لتنتحر كليوباترا لا لإنتحار زوجها و لكن لكي لا تسير في شوارع روما مكبلة كأسيرة لأوكتافيوس بعد أن هزم زوجها الثاني ماركوس أنطونيوس
كذلك لا أدين تاييس محظية الإسكندر الأكبر و صاحبة القداسة في العقيدة المسيحية فتلك القديسة حسب العقيدة المسيحية تابت من بعد إنحلال لتتحول إلى قديسة بعد ذلك
لا أدين زليخا أو إمرأة العزيز كما ذكرها لنا القرآن الكريم فهي لم تختر لنفسها الكيد و لم تكن مراودتها إلا لضعفها
كل النساء غير مدانات فالطبيعة لا يعاقب عليها القانون و يتعامل معها المنطق بالتسليم و الصدوع ، تلك طبيعة في نساء العالمين و تلك الطبيعة قد يتهاون في تقديرها الرجل و قد يجد في التقدير و لكنه في جميع الأحوال لا يقدرها حق قدرها فذلك الضعف المدجج بالجمال و البراءة و الطفولة و الرقة و العذوبة و الجزل هو إما باب من أبواب الجحيم أو روضة من رياض الجنة و بتطبيق حاجات النفس البشرية و إفتقارها الدائم إلى دعائم أساسية أو ثانوية أو ترفية فالنتيجة غالباً لن تكون تلك الروضة الفردوسية و للأسف !

السبت، مايو 31، 2008

نورت مصر و فرقة وكر العصفور

نورت مصر و فرقة وكر العصفور

عندما تصل السفاهة و اللامسؤولية إلى قمتها يتعذر على اللغة وضع مصطلح مناسب لها ، سمعت اليوم أغنية من نوع الراب لفرقة سعودية تطلق على نفسها اسم وكر العصفور ... تحفل تلك الأغنية بالسب و القذف بألفاظ قمة في السفالة و الوقاحة في حق مصر و المصريين و في نفس الوقت فوجئت بأغنية مضادة لشاب مصري يرد بها على سفالة الأغنية السعودية فشعرت بفداحة المصاب اللذي وصل بالشباب العربي لهذا المستوى المتسطح من الحوار

لا أجد ما يمكنني الرد به على الفرقة السعودية إلا أن أذكر لهم و للشعب السعودي قاطبة تاريخاً حافلاً بالتخلف و الرجعية و الغباء و السذاجة فبصفتي مصري و أحد المستهدفين بألفاظ تلك المأساة كان لزاماً علي الدفاع عن هويتي و إفاقة هؤلاء الأقزام من أعماق الغيبوبة اللتي أدخلتهم فيها سكرات النفط الفائض الزائد و اللتي تناسوا مع وسناتها أصلهم التاريخي و الجغرافي و الإنساني

تناسوا كيف كانت جاهليتهم و أميتهم و بدائيتهم و كيف قامت دولتهم المنسوبة لملك متواطيء مع رجل دين لتقوم على أنقاض ضميريهما مملكة لا تألوا جهداً في الإنبطاح لسادة العالم في البيت الأبيض حتى تنال الرضا ، و الأمثلة أكثر من مجرد جمعها في كلمة و أقربها قضية فتاة القطيف اللتي نالت عفواً ملكياً بعد الضغط الأمريكي على جلالة الملك ليعفوا عنها

المملكة السعودية رغم ما نالته من شرف وجود الحرمين الشريفين إلا أن الشرف لا يناله السفهاء و الأشقياء و ما زال الخواء العقلي لشعبها تنعق فيه الرياح غادية رائحة

فطامهم نفط و أموالهم وهبات النفط و حين ينفد النفط فحدث و لا حرج على هؤلاء الأبقار الضالة و أجهل أهل الأرض و أبعدهم زمناً و فكراً عن أي معنى من معاني الحضارة و العلم

لم يعد في قوس الصبر منزع فالأساليب المهينة اللتي يستخدمونها مع المصريين على أراضيهم و الغمز و اللمز على الشعب المصري و أحواله بات الصمت عليهم من المستحيلات .. لابد من صفعة قوية و مدوية لهؤلاء السفلة الرعاديد ليفيقوا من سباتهم و غيبوبة النفط اللتي أذهبت عقولهم خلف شهواتهم و ملذاتهم ، شيوخهم تنموا أموالهم من عرق المومسات على أعتاب مواخير أوروبا و الدول اللتي كانت عربية فباتت تتنصل من عروبتها و هويتها لتنال إستحسان الغرب المتربص بالخلق العربي و القيم و المباديء العربية الأصيلة ، نساؤهم تصرخن خجلاً من ممارساتهم اللاأخلاقية و اللاإنسانية و المنافية لكل الشرائع السماوية و النتيجة يعف اللسان عن ذكرها

شبابهم يضوعون بين الوهابية و إرهابها و بين الإباحية المستترة المدعمة بما لا ينفد من أموال نفطهم
و تنتشر على مواقع البورنو العربية كليبات لفتيات و زوجات سعوديات تكفي مجرد الإشارة إليها ليتعرف العالم على حقيقة المملكة من الداخل ، تلك البلاد اللتي يتم فرض الدين فيها فرضاً رغم قول الحق سبحانه " لا إكراه في الدين " إلا أن هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا تكتفي بمجرد القول بل يمتد عملها إلى الفعل و الضرب و الإيذاء لإجبار الناس على ممارسة العبادات ... أي بلاد تلك اللتي تفرض الدين فرضاً ؟ و أي نتيجة منتظرة على من لا يصلي بقلبه بل بآلامه و سحجاته ؟

إن الفرقة السعودية " وكر العصفور " ليست قلة منحرفة و ليست أغنيتهم القمة في الإنحطاط مجرد زوبعة في فنجان و لكن السعودية ككل بدأت تشعر بضآلة حجمها سياسياً و إنعدام تأثيرها مقارنة بمصر ... مصر صانعة حضارات العالم و صاحبة فجر الضمير تاريخياً ، مصر المعجزات و أعاجيب الدنيا ، مصر المذكورة في القرآن الكريم و السنة الشريفة ، مصر تاريخ الإنجازات و المشاريع العملاقة ، مصر قناة السويس و السد العالي و الأهرامات و منارة الإسكندرية ، مصر الثورات و الصحوات ، مصر حرب أكتوبر و معجزة العبور العظيم ، مصر اللتي إستردت كامل أراضيها المحتلة بالحرب و بالسلم و بالقانون ... أين أنتِ يا مملكة من مصر و المصريين ؟؟؟!!!

و من المفارقات الغريبة أن يكون نزار قباني الشاعر اللبناني أحد الناقدين القدامى لهؤلاء الحفاة العراة إذ قال :

نزار قباني
الحب والبترول

متى تفهمْ ؟
متى يا سيّدي تفهمْ ؟
بأنّي لستُ واحدةً كغيري من صديقاتكْ
ولا فتحاً نسائيّاً يُضافُ إلى فتوحاتكْ
ولا رقماً من الأرقامِ يعبرُ في سجلاّتكْ ؟
متى تفهمْ ؟
متى تفهمْ ؟
أيا جَمَلاً من الصحراءِ لم يُلجمْ
ويا مَن يأكلُ الجدريُّ منكَ الوجهَ والمعصمْ
بأنّي لن أكونَ هنا.. رماداً في سجاراتكْ
ورأساً بينَ آلافِ الرؤوسِ على مخدّاتكْ
وتمثالاً تزيدُ عليهِ في حمّى مزاداتكْ
ونهداً فوقَ مرمرهِ.. تسجّلُ شكلَ بصماتكْ
متى تفهمْ ؟
متى تفهمْ ؟
بأنّكَ لن تخدّرني.. بجاهكَ أو إماراتكْ
ولنْ تتملّكَ الدنيا.. بنفطكَ وامتيازاتكْ
وبالبترولِ يعبقُ من عباءاتكْ
وبالعرباتِ تطرحُها على قدميْ عشيقاتكْ
بلا عددٍ.. فأينَ ظهورُ ناقاتكْ
وأينَ الوشمُ فوقَ يديكَ.. أينَ ثقوبُ خيماتكْ
أيا متشقّقَ القدمينِ.. يا عبدَ انفعالاتكْ
ويا مَن صارتِ الزوجاتُ بعضاً من هواياتكْ
تكدّسهنَّ بالعشراتِ فوقَ فراشِ لذّاتكْ
تحنّطهنَّ كالحشراتِ في جدرانِ صالاتكْ
متى تفهمْ ؟
متى يا أيها المُتخمْ ؟
متى تفهمْ ؟
بأنّي لستُ مَن تهتمّْ
بناركَ أو بجنَّاتكْ
وأن كرامتي أكرمْ..
منَ الذهبِ المكدّسِ بين راحاتكْ
وأن مناخَ أفكاري غريبٌ عن مناخاتكْ
أيا من فرّخَ الإقطاعُ في ذرّاتِ ذرّاتكْ
ويا مَن تخجلُ الصحراءُ حتّى من مناداتكْ
متى تفهمْ ؟
تمرّغ يا أميرَ النفطِ.. فوقَ وحولِ لذّاتكْ
كممسحةٍ.. تمرّغ في ضلالاتكْ
لكَ البترولُ.. فاعصرهُ على قدَمي خليلاتكْ
كهوفُ الليلِ في باريسَ.. قد قتلتْ مروءاتكْ
على أقدامِ مومسةٍ هناكَ.. دفنتَ ثاراتكْ
فبعتَ القدسَ.. بعتَ الله.. بعتَ رمادَ أمواتكْ
كأنَّ حرابَ إسرائيلَ لم تُجهضْ شقيقاتكْ
ولم تهدمْ منازلنا.. ولم تحرقْ مصاحفنا
ولا راياتُها ارتفعت على أشلاءِ راياتكْ
كأنَّ جميعَ من صُلبوا..
على الأشجارِ.. في يافا.. وفي حيفا..
وبئرَ السبعِ.. ليسوا من سُلالاتكْ
تغوصُ القدسُ في دمها..
وأنتَ صريعُ شهواتكْ
تنامُ.. كأنّما المأساةُ ليستْ بعضَ مأساتكْ
متى تفهمْ ؟
متى يستيقظُ الإنسانُ في ذاتكْ ؟

السبت، يناير 19، 2008

قبل فوات الأوان .. يا حكومة

قبل فوات الأوان .. يا حكومة

مرة أخرى أجدني مدفوعاً للتعليق على سياسات الحكومة و لكن هذه المرة يشمل تعليقي المجالس النيابية و اللتي هي من المفترض أن تكون رقيباً على عمل الحكومة

أثار مشروع قرار برلمان الإتحاد الأوروبي و اللذي يضع ملاحظات حول الحريات المدنية و حقوق الإنسان في مصر ، أثار حفيظة الحكومة و هو أمر طبيعي و منطقي ذلك أن المشروع يضع ملاحظاته على أداء الحكومة المصرية في صدد حقوق الإنسان و الحريات المدنية و الأقليات الدينية ، و لكن الغير طبيعي و الغير منطقي هو إستياء البرلمان المصري من مشروع القرار و كذلك إستياء مجلس الشورى فالمجالس النيابية بديهياً تمثل رأي الشعب و حتمياً تحتوي على جزء معارض من أعضائها فضلاً عن أن أحد أبرز وظائفها هي مراقبة عمل الحكومة و تصحيح أخطائها و يصل دور تلك المجالس إلى حد سحب الثقة من الحكومة ، بينما اللذي حدث أن تلك المجالس النيابية تضامنت مع الحكومة في الغضب الجامح و الرد العصبي على مشروع القرار و هو ما يمثل خللاً تشريعياً و سياسياً فالمعني بالرد على هكذا قرارات هو الحكومة ممثلة في وزارة الخارجية و هي الجهة الوحيدة تشريعياً المنوط بها التعامل مع الخارج رسمياً و بالتالي عندما يتدخل البرلمان المصري و مجلس الشورى المصري في الأمر فهو نوع من خلط الأوراق و تبادل المهام بين ممثلي الشعب و بين من يحكمه و هو أيضاً دليل غير مباشر على مصداقية مشروع القرار و موضوعية إنتقاداته

الغريب أن إتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية تمنح الطرفين الحق في مراقبة و التعليق على حجم الحريات المدنية لدى الطرفين و كون الطرف المصري لم يستغل هذا الحق في إنتقاد تجاوزات المجتمعات الأوروبية في حق الأقليات الدينية و القومية فهو تنازل طوعي من الجانب المصري عن ممارسة حق نصت عليه الإتفاقية و في ذات الوقت فهذا التنازل الطوعي لا يجبر الطرف الآخر على المعاملة بالمثل فضلاً عن أن ذلك الحق المتبادل بين الطرفين يثير تساؤل حول الرد المصري الغاضب على مشروع القرار فالمفترض أن الجانب المصري على دراية تامة بأن مشروع قرار البرلمان الأوروبي هو فعل طبيعي ناتج عما أتفق عليه في إتفاقية الشراكة و معنى إعتراضه على ذلك المشروع أنه إعتراض صوري يهدف أولاً التأثير على الجانب المعارض المصري داخلياً و يهدف ثانياً إلى محاولة منع أي إدانات دولية مستقبلاً تشير إلى نفس السلبيات و يهدف ثالثاً إلى طمئنة الجانب الأميركي إلى أن إنتقاداتهم السابقة لحقوق الإنسان في مصر و اللتي بموجبها تم منع مائة مليون دولار من المعونة الأمريكية لمصر و رهنها بإحراز تقدم على أرض الواقع قد لاقت صدى لدى الجانب المصري و أنها في طريقها إلى التنفيذ

و في سلبيات الحريات المدنية و حقوق الإنسان و العنصرية و إضطهاد الأقليات في دول الإتحاد الأوروبي لنا نظر لأن تلك التجاوزات يكون معظمها من جهة الشعب و المجتمع و أقلها من جهة الحكومة و هو أمر يكشف فشل إنسان القرن الواحد و العشرين في مجاراة الرقي الأخلاقي و الحقوقي المقترن بالزمن فالقرن الواحد و العشرين يجب فرضاً أن يكون قرن النضج الأخلاقي للحضارة الإنسانية فإنسان القرن الواحد و العشرين هو الإنسان اللذي تراكمت لديه المعارف و العلوم بحيث أدرك أن العلم و الأخلاق هما المحركان الرئيسيان لحضارته و تقدمه و أدرك كذلك أن القوة و القهر و الحروب هم من بدائيات الإنسانية و اللتي لا يصح أن تصل إلى هذا الرقي و التحضر و تظل معتمدة على البدائية في الحياة و في التعامل

و العصبية و الغضب الجامح اللذان ظهرا بشكل صارخ في رد الحكومة ممثلة في شخص السيد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري و ظهرا بشكل أوضح في ردود المجالس النيابية يدلان أن الرد جاء بلا دراسة و بدون روية و تفهم للأمور فإنتقادات حقوق الإنسان في مصر باتت مضغة في حلوق العالم تارة تأتي من الغرب و أخرى تأتي من أوروبا ناهيك عن الفضائيات اللتي لا يمر يوماً عليها إلا و تنتقد حقوق الإنسان في مصر

الأمر اللذي يجب أن يثير القلق لدى الحكومة و يبعث على التفكير فليس من المعقول و لا المنطقي أن تكون تلك الإنتقادات كلها كيدية كما أنه ليس من التمدن الرد على كل إنتقاد بالرفض و وصفه بأنه تدخل في الشئون الداخلية لبلد ذا سيادة و له حجم مصر السياسي و الإقليمي و له دور مصر الريادي في المنطقة و العالم ، بل أن هذه الأسباب المتمثلة في ثقل مصر و ريادتها تجبر الحكومة على بحث تلك الإنتقادات و أخذها مأخذ النصح و الإرشاد و ليس مأخذ الإملاء و الوصاية ، و حتى إذا كانت إملائاً و وصاية فهو أمر - للأسف - طبيعي لأن تلك الإنتقادات تأتي من دول تمنح مصر مليارات الدولارات و ملايين اليورو كمنح و مساعدات ، كما أن الحريات و الحقوق المدنية ليسا مجالاً للإختلاف و الإتفاق كملف إيران النووي على سبيل المثال و لكنها مسلمتان يفرضهما علينا و على العالم الوضع الإنساني و القانوني و الحضاري للبشرية و يجب أخذهما بعين الإعتبار و تلمس الخطوات الحقيقية و الفاعلة لإزالة أي إنتقاد يمس الحريات و الحقوق المدنية

و مأخذ آخر يبدو أكثر وضوحاً على الحكومة و هو الرد الغريب على بيان الجهاز المركزي للمحاسبات و اللذي اسقط الضوء بشدة على سلبيات الحكومة ، إذا كانت أي حكومة في الكون لها إيجابيات و لها سلبيات فالموضوعية و الإنصاف يحتمان عليها عدم المكابرة في مواجهة السلبيات عند ذكرها أما الإنكار بل و التطاول على رجل بحجم المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات فهو غرور غير مبرر و مكروه و يشكل خلق نجم شعبي و قبلة للمعارضة من شخص السيد المستشار جودت الملط و هو ما حدث بالفعل حيث بدأ التمجيد و التهليل من صحف المعارضة و الصحف المستقلة موجهاً للسيد المستشار جودت الملط رغم أنه رجل كل إنجازاته تتلخص في أداء واجبه بنية صافية و بتفاني و وطنية إلا أن تلك القيم في هذا الزمان لندرتها بات وجودها في شخص مجتمعة يجعل من هذا الشخص بطلاً أسطورياً و هي في حقيقتها أمراً طبيعياً و مفترضاً في معظم الناس

الحكومة للأسف تشتري كراهية الشعب بشكل محموم و لا تتعلم من أخطائها و تتصور أن إنجازاتها اللتي تتمثل في خلق مستقبل مشرق ستشفع لها عند رجل الشارع اللذي يعيش على مبدأ أحيا اليوم و أموت غداً

لا أنكر إيجابيات و إنجازات الحكومة و أتفهم الأسباب الموضوعية اللتي تقف خلف الزيادات الهائلة في الأسعار و أدرك صعوبة و مرارة المرحلة الإنتقالية بين الإشتراكية و الرأسمالية و لكن الغالبية العظمى من الشعب الكادح تنظر مجبرة تحت أقدامها و لا تتسامح أبداً مع المساس بمستوى معيشتها أياً كان و هو الأمر اللذي يثير الإحتقان و يبث الكراهية لتلك الحكومة خاصة مع المقارنات الغير منصفة مع دول الجوار و مع أزمنة غابرة تلك المقارنات اللتي تثيرها الصحف المعارضة و اللتي إحترفت الصيد في الماء العكر

لست واحداً من أثرياء هذا البلد و لست ممالئاً للحكومة و لست متملقاً للنظام ، كما أنني لست تابعاً لأي طيف أو فكر سياسي معارض أو مستقل و لست إخوانياً إنما أنا أريد الإصلاح بصفتي أحد أبناء هذا البلد و أحد اللذين يدينون لها بالولاء ، ولاء الإنتماء و الحب و الوطنية و ولاء التربية و النشأة و التكوين و ولاء الشخصية و الفكر و الكيان

المعارضة من أجل المعارضة أو من أجل كشف السوءات و إصطياد الفضائح و تسليط الضوء عليها لمجرد كسب سبق صحفي أو إعلامي هي في حقيقتها أرخص بكثير من الإلتفات إليها ناهيك عن إعتناقها و لكن المعارضة الحقيقية في التوجيه للصواب و إسداء النصح كما يترائى للناصح و كما يتناسب مع حجم متلقي النصيحة و تبقى الموضوعية و الإنصاف و قبلهما الإحترام و التقدير هي الأرض الصلبة و القاعدة الحضارية و الراقية للحوار المتمدن بين كل الأطراف سياسية كانت أو غير سياسية

لكل ما سبق أتمنى من الحكومة أن تنتبه لخطواتها القادمة فلم يعد في قوس صبر الشعب منزع و لم يفت بعد الأوان على إستدراك ما آلت إليه الأحوال المعيشية فلتعيد الحكومة حساباتها و توجه عنايتها إلى الطبقة الكادحة قبل أن تموت الآمال في حاضر أفضل لشعب يعيش غالبيته تحت خط الفقر بعدة خطوط متباعدة

الأربعاء، يناير 02، 2008

فتاة القطيف

فتاة القطيف


رغم رفضي الشديد لجريمة الإغتصاب و إعتبارها من الجرائم الوحشية إلا أني لم أستطع إخفاء شعوري الغريب بالعدالة عندما علمت أن محكمة سعودية حكمت بمعاقبة فتاة ضحية جريمة إغتصاب تماماً كما حكمت بمعاقبة المجرمين مغتصبيها و قد نالت تلك الفتاة حكماً بتسعين جلدة و عندما إعترض محاميها غلظت المحكمة العقوبة و جعلتها مائتي جلدة و السجن ستة أشهر .

و قصة هذه الجريمة بإختصار أن الفتاة ذات التسعة عشر ربيعاً زوجة لرجل سعودي و كانت على علاقة قبل زواجها بطالب ثانوي و منحته صورها كنوع من الثقة فيه و في وفاءه و إخلاصه و لكنها عندما تزوجت من رجل آخر تذكرت صورها فقامت بالإتصال بحبيبها القديم طالبة منه إسترداد صورها و تواعدا في مكان هاديء و عندما إستقلت سيارته إعترضهما رجلان و ركبا معهما و إقتاداهما إلى مكان مهجور و قام سبعة رجال بإغتصاب الفتاة و يقال أنهم أيضاً قاموا بهتك عرض الشاب حبيبها

شعوري الغريب بالعدالة جاء كشعور مركب ناتج عن عدة دوافع و أسباب أهمها هو إعتبار جرم جريمة الإغتصاب موزع على الجاني و المجني عليها على الأقل بالتساوي و على الأكثر بالقدر الأكبر على الضحية أو على بنات جنسها .. و رغم عدم رغبتي في الدخول في مهاترات و دهاليز إستقلال القضاء و تلك الشعارات البراقة اللتي ليس لها وجود في البلاد العربية إلا أن المرسوم الملكي اللذي أصدره الملك عبد الله بالعفو عن الفتاة و رفع العقوبة عنها نتيجة ضغط الدول الغربية و منظمات حقوق الإنسان اللتي هالها الحكم و إعتبرته خرقاً سافراً للأعراف و التقاليد الإنسانية حيث عوقبت الضحية و اللتي هي غير مذنبة في ضمير الغرب و لكنها ليست مذنبة فقط في ضميري بل هي آثمة و أنا هنا أخاطب المرأة بصفة عامة و ليست فتاة القطيف تحديداً ، ذلك العفو الملكي يفضح حجم الإهتراء في المنظومة الحاكمة و يشي بحجم الهوة بين أوصالها و عدم التفاهم إن لم يكن عدم الرضا بين جنبات تلك المنظومة

لم يعرف التاريخ العربي و لا حتى غير العربي ما يعرف بإغتصاب الإناث طوال قرون ضاربة بعمقها في أغوار الزمن و حتى وقت قريب لم يعرف العالم ما يسمى بإغتصاب أنثى .. و في رأيي أن جرائم الإغتصاب تزامنت بداياتها مع عصور تحرير المرأة و إطلاقها بلا قيود و لا سلطات من الرجل فهي لم تعد كائن من الدرجة الثانية بل أصبحت كائناً متميزاً له الأفضلية بحكم قواعد الذوق العام و له الأولوية بحكم قواعد الإنسانية و اللتي تغيرت قواعدها بتغير الوجدان البشري بعد إنتهاء عصور قوة السلاح و بداية عصور قوة العلم و قوة الفكر و الفلسفة و النظم السياسية و المجتمعية

أو قد تكون وجدت جرائم الإغتصاب في العصور الغابرة و لكنها في رأي المؤرخين لم تكن ذات قيمة حتى يتم تأريخها حيث لم تكن المرأة ذاتها تشكل قيمة في تلك العصور بل كانت مجرد تابع للرجل و مصدراً لمتعته فقط

الخلاصة في هذا الموضوع أن شعوري بالعدالة تكمن أسبابه في رؤيتي لما تفعله المرأة في نفسها لإرضاء الرجل و جذبه و حرصها الشديد على أن تكون محط الأنظار و هدف عيون و قلوب و عقول الرجال و هي في هذا الصدد تتطرف في أفعالها و تتناسى أنها تعيش في مجتمع عربي متعطش لإشباع غرائزه و هارب بطبيعته القبلية من ثقل المسئوليات و تبعات الزواج ناهيك عن ظروفه الإقتصادية اللتي تمنعه عن سلوك الطريق الصحيح فضلاً عن المؤثرات الخارجية و اللتي أصبحت تشعل الشهوات و تأجج الغرائز في نفوس الشباب اللذي يعاني أصلاً من الحرمان نتيجة مجتمع غارق في الغباء حتى أذنيه و مريض بالنفاق حتى النخاع

و كما شعرت بعدالة العقوبة شعرت أيضاً بالتشفي في المحاكم السعودية عندما كشفت عن سوئتها أمام العالم المتحضر و أكدت للعالم أنها تحكم بمنطق معوج مريض و متطرف يتجاهل حتى أبسط قواعد الإنسانية و رغم تضاد هذا الشعور مع شعوري بعدالة الحكم إلا أنها حقيقة ما شعرت به و لا أستطيع نفاق نفسي و إدعاء البراءة كما تفعل غالبية البشر

المرأة تحمل الكثير من الوزر في واقعة إغتصابها فهي إن لم تكن داعية له قولاً فهي تدعو بأفعالها إليه و بتساهلها و بخضوعها و بتمثيلها الغفلة و الضعف و الغباء و بمحاولاتها المستميتة في جذب الرجال و الأنظار إليها و هي محاولات ليس هدفها بالتأكيد الزواج بل هدفها هو رغبة المرأة الخالدة في أن تكون الأجمل و الأكثر جاذبية و الأكثر رقة و جمال و صاحبة الرصيد الأكبر من إعترافات المعجبين و المحبين و الوالهين و الذائبين في ثنايا أثوابها ذات الرائحة الأنثوية النفاذة الأخاذة ، و إن كان ما سبق هو طبيعة في المرأة يتعذر تغييرها كما يتعذر إيجاد زهرة بلا أوراق فيجب عليها - أي المرأة - أن تتعايش مع طبيعة الرجل أيضاً و لا تشكو منها فليس من العدالة أن يتحمل الرجل طبيعة المرأة في الوقت اللذي تتنصل فيه المرأة من تحمل طبائع الرجل الكريهة بالنسبة لها

و أعترف و لا أنكر أن شعوري بعدالة معاقبة ضحية جريمة إغتصاب قد يراه البعض مرضاً مصيبني و هي آراء أدرك تماماً تكونها في وجدان الكثيرين عني بعدما يقرأوا وجهة نظري و لكني لا أستطيع إخفاء ذلك الشعور حتى لو كان مرضاً فليكن و إن لم يكن مرضاً فليكن ما هو كائن و لكنه شعوري و منطقي و أنا أعترف به

و رغم ذلك و رغم كل ما سبق من شرح و توضيح لأسباب ذلك الشعور إلا أنني أظن أني أحد أكبر المحترمين و المتعاطفين مع المرأة و لكن عندما تكون إمرأة فقط تعرف حدود أنوثتها و لا تتعدى ما خلقت من أجله و تعرف الفرق الحقيقي و الجوهري بينها و بين الرجل و تعرف كيف تحترمه و كيف تتعامل معه و متى تكون ضعيفة معه و متى تكون قوية و تعرف بل و تدرك أنها إذا آثرت جذبه فعليها تحمل عيوبه كما ستستمتع بمميزاته

و رغم عدم تقبلي لشعارات المتشدقين برفض التقليد الأعمى للغرب في هذا الصدد لأني أظن أنه ليس مجرد تقليد بمعناه الحرفي كمحاكاة لتوجهات الغربيين بل هو إتجاه نفسي داخلي إستطاع الخروج إلى الوجود بذريعة التقليد لأن المرأة هي المرأة سواء كانت غربية أو شرقية فلا فرق بين كوندوليزا رايس كإمرأة و بين بي نظير بوتو رحمة الله عليها فكلهن نساء .. رغم رفضي لتلك الشعارات الهلامية من قبل رجال أكثر هلامية إلا أني في إطار البراجماتية اللتي أصبحت مجبراً عليها في ظل الإحتكاك الإجباري بتيارات فكرية مصابة بأمراض العالم كله .. في هذا الإطار أنصح من تقلدن الغرب أن تقلدنه بضمير أو لا تقلدنه نهائياً فإما الكل و إلا فلا فكما لا تتجزأ المباديء و لا يمكن تأويل القيم كذلك لا تتجزأ الرذائل و لا يمكن تأويل الفجور و كما قال مصطفى صادق الرافعي رحمة الله عليه الرذيلة الصريحة رذيلة واحدة و الفضيلة الكاذبة رذيلتان