الجمعة، يوليو 05، 2013

نظرة من بعيد

بعد بيان الفريق اول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع و الانتاج الحربي و القائد العام للقوات المسلحة تأملت الوضع في مصر فوجدت أنني في حاجة لإلقاء نظرة من بعيد على أحداث مرت بها مصر على مدار ثلاث سنوات تقريباً ستُكتب في التاريخ السياسي كسنوات فارقة و مفصلية في عمر مصر و العالم
لا يوجد لدي أدنى شك في كون مصر دولة ذات إهتمام إستثنائي من العالم الخارجي يتراوح بين التدخل الغير مباشر من الدول الكبرى و بين التطلع اليها من الدول العربية و الصغرى ، و لكن أحداثاً مرت بوطني تثير الكثير من التساؤلات و يكتنف بعضها الغموض

ثورة 25 يناير

في التاريخ المعروف لا توجد ثورة سلمية أو ثورة بلا دماء ، و لكن توجد حركات إصلاحية أو إنتفاضات شعبية تُغير بعض و ليس كل قواعد الأنظمة الحاكمة بينما الثورات تُغير الأنظمة جذرياً ، و لقد جاءت ثورة 25 يناير 2011 لتطيح بنظام رئيس إستمر 30 سنة – هذا إذا سلمنا بأنها ثورة – و لكن ثنايا تلك الثورة و دوافعها لم تكن تعترض على ثلاثة عقود من حكم الفرد بقدر ما اتخذت وقودها من أحداث قريبة زمنياً من إندلاعها كتزوير الإنتخابات التشريعية و كالإعتراض على أوضاع إجتماعية و إقتصادية مذرية ، فلقد كان نظام مبارك حريصاً على خلق توازن دقيق بين فساده و حل الأزمات أو تجنبها تماماً فلم يشعر شعب مصر بالكثير من الصلف إقتصادياً فكانت معدلات الفقر و الجهل و المرض تتناسب بشكل أو بآخر مع ترتيب مصر في قائمة العالم الثالث و الدول النامية و في المقابل كان مبارك رمزاً وطنياً للكثير من أبناء الشعب و للمؤسسة العسكرية فهو ضابط طيار مقاتل حارب في ثلاثة حروب فاصلة ضد إسرائيل و كان يحظى بإحترام العالم الى الحد الكافي لينال الرضا الشعبي
لكن بعض الحركات الإحتجاجية ( حركة كفاية و شباب 6 إبريل و غيرها ) كانت كفيلة بحشد الكثير من المهمشين و المظلومين و بعض النخبة السياسية للوقوف ضد حكم مبارك ناهيك عن قبضة الأجهزة الأمنية الحديدية و اللتي جنبت مصر الكثير من الكوارث و لكنها في طريق حماية الشعب كان لها ضحايا كُثر أضيفوا أيضاً لوقود 25 يناير كخالد سعيد ضحية مباحث أمن الدولة و سيد بلال و غيرهما
كان الحشد الغير مسبوق للمتظاهرين في 25 يناير ( عيد الشرطة ) و ما تلاه مفاجأة للسلطات و للرئيس و حتى للمتظاهرين أنفسهم !
 فكان إنهيار قوات الشرطة هو السبب الرئيس في نجاح تلك الثورة و الإطاحة بحكم مبارك بعد 18 يوم من الإعتصام السلمي اللذي شابه الكثير من المواجهات في ميدان التحرير

لكن الكثير من التداعيات المتزامنة مع تلك الثورة أثارت تساؤلات كثيرة فبمجرد إنهيار قوات الشرطة تمت مهاجمة 99 قسم شرطة على مستوى الجمهورية و كذلك مهاجمة الكثير من السجون و هروب محكومين بشكل مدبر بإحكام كان منهم غير مصريين من حماس و من لبنان و كان منهم قيادات جماعة الإخوان المسلمين مما يثير الكثير من الريبة في كون هذا الهروب مدبر لأن قطع الإتصالات و الإنترنت لم يحل دون الإتصال بقيادات جماعة الإخوان أثناء هروبهم من السجون بل و ظهور أصواتهم على القنوات الفضائية كقناة الجزيرة القطرية عندما داخلت الدكتور محمد مرسي عن طريق تليفون الأقمار الصناعية ( الثريا ) النادر الوجود في مصر !
للوهلة الأولى يتصور المراقب أن مهاجمة أقسام الشرطة هو رد فعل تلقائي لمن ذاقوا مرارة الظلم على أيدي أجهزة الأمن و لكن هذا لا يقنعني بتزامن مهاجمة 99 قسم شرطة في اللحظة نفسها
و هل مهاجمة السجون كانت لنفس الأسباب ؟

جماعة الإخوان المسلمين

نشأت تلك الجماعة على يد الشيخ حسن البنا عام 1928 بهدف العمل الدعوي و الإجتماعي و لكنها سرعان ما لاقت إستحسان شيوخ المملكة و أثريائها بإعتبارها ذراع لهم داخل مصر و سرعان ما أمدوها بالأموال لتتشعب و تنمو داخل مصر لا سيما في ظل إحتلال إنجليزي يتطلع الشباب لمقاومته ، و لكن أيضاً سرعان ما ضلت تلك الجماعة الطريق ، فجماعة نشأت في طي السرية و تلقت معونات في السر و سعت لإغتيالات سياسية و لفظتها كل الأنظمة السياسية بسبب سرية العمل فيها و غموض أهدافها الحقيقية ناهيك عن إنضمام سيد قطب صاحب دستور الإرهاب و الإرهابيين بإسم الدين في العالم ، كل ذلك جعل منها جماعة مرفوضة سياسياً و لكن عملها الإجتماعي منحها شرعية مجتمعية بين طبقات الشعب الفقيرة و المهمشة ناهيك عن الإنضواء تحت عباءة الدين و هو الوتر الحساس في الوجدان المصري يحترم من خلاله كل من يدعيه
لا يمكن إنكار دور جماعة الإخوان المسلمين و خاصة شبابها في ثورة 25 يناير رغم الموائمات السياسية لقادتها قبل و أثناء الثورة و إنتهازيتهم بعد الثورة و لكن من الجحود إنكار دورهم المحوري في حماية معتصمي ميدان التحرير رغم إتهامات طالت الجماعة بلعب أكثر من دور في تلك الثورة
لقد حذر الرئيس الأسبق حسني مبارك من خطر تلك الجماعة بعد تنحيه بل و تنبأ بأنها ستحل محله إذا ترك الحكم و قد كانت نبوءته في محلها ، و لا شك أن رئيساً تمنحه كل أجهزة الأمن و المؤسسات ولائها المطلق لديه ما يكفي من المعلومات عن حجم التنظيمات في الداخل و إمكانياتها
و بعد تنحي مبارك حاولت جماعة الإخوان محاولات كثيرة في التسلق على أكتاف رموز وطنية و قامات كبيرة كمحاولتها دعم عمر سليمان رئيس المخابرات السابق و نائب رئيس الجمهورية و عدوها اللدود في الترشح لرئاسة الجمهورية بشروط الجماعة و لكن سليمان رفض ، كما حاولت في بدايات الثورة و أثناء إعتصام التحرير عقد صفقة مع نظام مبارك ليمنحها بعض الشرعية في صورة حزب سياسي في مقابل فض الإعتصام و لكن لحسن الحظ لم تكتمل تلك الصفقة
و في أحداث متلاحقة أظهرت غباء الجماعة السياسي و لهاثها لدخول التاريخ عبر حكم مصر أو على الأقل الإستيلاء على أكبر قدر من مقاعد المجلس التشريعي الأول بعد الثورة تخلت عن الكثير من مباديء تلك الثورة و خذلت شبابها في أحداث كثيرة كمذبحة محمد محمود و أحداث ماسبيرو و مسرح البالون و أحداث وزارة الدفاع و قبل كل ذلك تحديد خارطة طريق معكوسة عبر إنتخابات برلمانية ثم رئاسية قبل صياغة دستور ينظم العمل في البلاد ، فضلاً عن وعود لم تفي بها أولها عدم الدخول بأكثر من ثلث مرشحي المجلس التشريعي و لم تفعل بل دخلت عن طريق أفرادها و تحالفاتها بأكثر من ثلثي مقاعد البرلمان و ثانيها عدم ترشيح أحد من الجماعة لرئاسة الجمهورية و لم تفعل بل رشحت أحد أبرز قادتها ( المهندس خيرت الشاطر ) ثم زجت بالدكتور محمد مرسي بديلاً عندما تعذر العفو الشامل عن الشاطر
و في طريق التمكين لم تجد الجماعة غضاضة في ممارسة الإنتهازية و التسلق على أكتاف شركاء الوطن ثم التخلي عنهم فور تحقق الهدف أو فور القيام بدورهم المرسوم
ففي البداية تحالفت الجماعة مع جميع التيارات وليدة ثورة 25 يناير في مواجهة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم الفعلي للبلاد بعد تنحي مبارك حتى تنال ما تريده من رسم طريق معكوس تصل به إلى أقصى درجات التمكين فقادت حملة لتعديل مادة ممارسة الحقوق السياسية في إعلان 19 مارس 2011 الدستوري لتتمكن من الحصول على مقاعد القائمة و الفردي مجتمعين في البرلمان و بالتالي الحصول على أكبر نسبة ممكنة من المقاعد  و رغم تحذير اللواء ممدوح شاهين من عدم دستورية هذا التعديل و مناقضته لمبدأ تكافؤ الفرص إلا أن الجماعة أصرت على التعديل و هددت بحرق مصر إذا لم يستجب المجلس العسكري فاستجاب !
ثم كانت الإنتخابات لتظهر مفاجأة الجماعة لشركائها باستيلائها على معظم مقاعد المجلس متحالفة مع عدة أحزاب إسلامية أهمها حزب النور السلفي اللذي بلع طعم فرض الشريعة الإسلامية كما وعدته الجماعة
ثم أتت الإنتخابات الرئاسية لتفجر الجماعة في وجوه شركائها مفاجأة ترشيح أحد قياداتها للمنصب رغم وعودها السابقة بالإمتناع ... ففاز مرشحها مدعوماً بأصوات التيار الإسلامي بالكامل آملاً في فرض الشريعة الإسلامية كما وعدت الجماعة
و لكن مرشحها الفائز - و المشكوك في صحة فوزه – خذل الجميع ليتخلى حزب النور عن تحالفه مع الجماعة و يفقد مرشحها الفائز الكثير من مؤيديه بعد فشل تلو فشل في إدارة شئون البلاد و فضائح بروتوكولية و شخصية ضعيفة مهزوزة فاقدة للحد الأدنى من مقومات القيادة ناهيك عن شكوك قوية في كون قراره مملى عليه من مكتب إرشاد الجماعة
بعد شعورها بأن البساط يسحب من تحت قدميها و توقعها بإقتراب المواجهة بينها و بين الشعب تحالفت الجماعة مع أشد الأطراف خطراً و تطرفاً و هو الجماعة الإسلامية بقياداتها الموصومة بعار قتل السياح و قتل الرئيس السادات و تشكيلة متنوعة من الجرائم الإرهابية في عقود مبارك
و تأتي اللحظة الحاسمة عندما ظهرت حركة شبابية نشأت من رحم الثورة و سمت نفسها تمرد لتجمع توقيعات بسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي بعدما شهده الشعب من ضعفه و عدم قدرته على إدارة شئون مصر و توالي الأزمات و تراكمها دون حل و لو مؤقت

الفريق أول عبد الفتاح السيسي

نجحت تمرد في جمع ما يزيد عن 22 مليون توقيع لسحب الثقة من مرسي و اختارت الذكرى السنوية الأولى لرئاسة مرسي لخروج مظاهرة تعلن للعالم حجم المعترضين على استمرار مرسي في الرئاسة ، و نجحت تمرد في حشد أكبر عدد من المتظاهرين في تاريخ البشرية ( في أقصى تقديرات 33 مليون شخص ) و لكن مرسي الغير مؤهل لم يعبأ بهذه الأعداد الهائلة بل تجنب ذكرها في عدة مناسبات خرج على الشعب من خلالها ما دفع القوات المسلحة للتدخل و دعوة جميع الأطراف للحوار و حل الأزمة قبل أن تتجه للعنف و تعصف بأمن البلاد و لكن مرسي صم آذانه عن دعوات الحوار و أبى التنازل عن قراراته المعيبة و رفض تغيير حكومة لا تعبر إلا عن مقدار الفشل الهائل في فكر الجماعة
فقام وزير الدفاع بعزل مرسي و إعلان خارطة طريق للمستقبل تحت إشرافه و دون تدخله ترضي كل شركاء الوطن و وافق عليها الجميع بإستثناء الجماعة اللتي رفضت الحوار من الأساس

و هنا يجب أن نتوقف كثيراً للتأمل ... فما فعله عبد الفتاح السيسي يعرضه – في حالة الفشل – للإعدام !
و يعرضه في حالة النجاح لإنتقادات دولية ضخمة ناهيك عن تعريض أمن و سلامة الوطن لخطر جسيم يتساوى حجمه في نجاح السيسي أو فشله فنجاحه يعني إستعداء جماعة الإخوان و حليفها الأخطر و فشله يعني إعدامه و إستيلاء الجماعة على مصر الى الأبد و مذابح لشباب الثورة على يد الجماعة الحاكمة
الفريق أول عبد الفتاح السيسي لم يأتِ من صفوف متأخرة من القوات المسلحة و لكنه أتى لمنصب الوزير من رئاسة المخابرات الحربية و إذا وضعنا الطرق التقليدية في التدرج الوظيفي في الجيش جانباً سنجد أنفسنا أمام عقلية فريدة تم إإتمانها على أمن و سلامة الجيش داخلياً و خارجياً ، و تلك العقلية اللتي حرصت على جمع كل شركاء الوطن بلا استثناء في إعلان بيان عزل الرئيس لم تتطرق في ذلك البيان إلى مصير الرئيس !
كما أنه حرص على تزامن عدة إجراءات احترازية مع إذاعة البيان فأغلق عدة قنوات محسوبة على التيار الديني و اعتقل عدة قيادات للتيارات الدينية و الجماعة في نفس الوقت كما أنه حرص على نشر قوات الجيش في مواقع مدروسة جيداً قبل إذاعة بيان عزل الرئيس اللذي لم يذكر شيء عن الرئيس أصلاً
لكني لم أقتنع بعد ببراءة و نبل السيسي المطلقة في تصرفاته هذه فعزل مرسي لم يكن إستجابة لنداء الشعب فقط بل له أسباب أخرى أثق في وجودها كما أثق في سريتها ، فأنا أثق أن العلاقة بين السيسي و الرئيس لم تكن تلك العلاقة بين المحكوم و الحاكم لكون مرسي رئيس مدني لا يعرف كثيراً عن المؤسسة العسكرية
و لكون السيسي رجل مخابرات يدرك حجم الخطر اللذي تمثله جماعة الإخوان المسلمين و يعتبر – و الكثير منا معه – أن مرسي مجرد ممثل لمكتب الإرشاد في رئاسة الجمهورية و لا يمتلك قراره

لا شك لدي أن مرسي حاول متضامناً مع جماعته السيطرة على مفاصل و مؤسسات الدولة لعدة أسباب أهمها تأمين نفسه ضد كل من إضطهدوه و جماعته و كذلك تأمين إمتداد رئاسته لفترة أخرى يؤمنها له الدستور الجديد و ضمان تسليم السلطة لخليفة مضمون تابع للجماعة أو على الأقل من المؤلفة قلوبهم
لكن مرسي و جماعته تجاهلوا عدة حقائق أو لعل غبائهم السياسي قادهم لتلك النهاية المآساوية فأهم مؤسسات الدولة ممثلة في القوات المسلحة و وزارة الداخلية و القضاء و المخابرات من المحال تغلغل الجماعة فيها فضلاً عن السيطرة عليها ، و تلك المؤسسات شاء مرسي أم أبى هي المنوط بها تحديد صلاحية مرسي و كذلك تحديد مدة إقامته في قصر الرئاسة
لقد أغفل مرسي و جماعته المباديء الأهم لكسب ود الشعب و شراء أصواته دون تكلفة تذكر فكان يكفي له تحقيق الحد الأدنى من مطالب الثورة بالتوازي مع محاولاته في السيطرة على الدولة ليكتسب الكثير من الزخم الشعبي و يكون أهم خطوط دفاعه ضد الخلع أو العزل ، لكن مرسي فضل البحث عن داعم خارجي يقف جنباً إلى جنب داعميه الداخليين و هم متمثلون في جماعته و حلفاؤه من الجماعة الإسلامية و لكنه تناسى أن القوى الشعبية اللتي خلعت الأعتى منه و الأكثر رسوخاً و علاقات كفيلة بالقضاء على حلم الجماعة في السيطرة على مصر في مدة أقل بكثير من اللتي كلفت الشعب للإطاحة بسلفه
الواقع على الأرض الآن يفرض عدة معطيات جديدة في الحياة السياسية المصرية فمثلاً يفرض واقع مراقبة الجيش للأوضاع الداخلية و إعتباره المشرف الحقيقي على العملية الديموقراطية في مصر و تلك مشكلة فوجود الجيش مراقب يخرجه من السيطرة الرئاسية حتى و لو كان تدخله شرعياً فهو يخرج بتلك الشرعية عن الشرعية الدستورية المرسومة له من أنه يأتمر بأمر رئيس الجمهورية
كذلك الوضع الخارجي لمصر و اللذي وضع الكثير من الدول الكبرى في حيرة من أمرها فالعلوم السياسية لا تعرف تدخل للجيش في الحكم للإطاحة برئيس إلا في حالة الإنقلاب العسكري و لكن ما حدث في مصر لم يكن كذلك و لم يكن كأي شيء آخر فهو أمر جديد تعجز بعض الدول – بعد 48 ساعة من حدوثه – عن إدراكه فضلاً عن توصيفه و دعمه أو رفضه
بالطبع لا تقف دول العالم في وضع العجز العلمي بل تعيد حساب المكسب و الخسارة و المصالح الخاصة و لكن الأمر الخارج عن إرادتها هو الدعم الشعبي الهائل لتدخل الجيش في الأمر مما يعجز الرافضين في التعبير عن رفضهم
و أيضاً أزمة التيار الإسلامي في مصر فأفعال جماعة الإخوان السياسية قلصت رصيد التيار الإسلامي إلى حد كبير و قضت على الكثير من التعاطف الشعبي مع حركة حماس بعدما أثبتت التحقيقات وجود عناصر مسلحة منها على أرض مصر تقف في حراسة مقر الإخوان العام في المقطم
كما أن رد فعل التيار الإسلامي في مصر على إطاحة الجيش بمرسي جاء متبايناً بشدة ففي الوقت اللذي رحبت الدعوة السلفية فيه بتدخل الجيش رفضت جماعة الاخوان و الجهاد و جزء من الحركة السلفية ذلك التدخل واصفة إياه بالإنقلاب على الشرعية و هو ما يفتح باب الإنقسام ليس بين أبناء الشعب فحسب و لكن أيضاً بين مكونات التيار الديني في مصر و رغم أن تباين ردود أفعال الإسلاميين حال دون القضاء التام عليهم و لفظهم من الشعب إلا أن أفعال نفس التيار في طريق بناء مؤسسات الدولة في عصر مرسي خصم الكثير من أرصدتهم من إحترام الناس و الأهم محبتهم

إن الإطاحة بمرسي وضعت مصر على الطريق الصحيح و لكنها أعادتنا لنبدأ من البداية فمصر اللتي مرت بثلاث سنوات في منازعات قانونية و دستورية لبناء مؤسسات تشريعية و كتابة دستور ستبدأ من الصفر في هاتين العمليتين بجانب البحث عن رجل يصلح لرئاسة الجمهورية في ظل تربص من جميع القوى الوطنية بهذا الرجل حتى قبل أن يظهر