السبت، مايو 05، 2007

عندما يجف نبع الحياء

عندما يجف نبع الحياء


ضرب الرئيس الأمريكي جورج بوش أروع الأمثلة في البجاحة و الوقاحة و ما زال يواصل مسلسل عدم الحياء بفظاظة غير مسبوقة فقد استخدم حقه في النقض لتشريعات مجلس النواب للمرة الثانية منذ بدء فترة ولايته ليرفض تشريع الكونجرس بربط تمويل الحرب على العراق بإنسحاب القوات الأمريكية المقاتلة من هناك ، و شتان بين إستخدامه الأول لحقه الدستوري في النقض و إستخدامه الثاني فالأول كان لرفض تشريع بإباحة أبحاث خلايا المنشأ البشرية فيما يعد فعلاً أخلاقياً بينما الثاني كان لرفض قانون ربط تمويل الحرب على العراق بإنسحاب الجنود الأمريكيين منها
يرى الرئيس بوش أن تصاعد المقاومة العراقية لا يفله إلا القوة ثم الإفراط في القوة و هو إتجاهه الفكري اللذي به غزا أفغانستان و فشل في القضاء على تنظيم القاعدة و به غزا العراق و فشل في تحويله إلى دولة ديموقراطية
و يتواصل مسلسل البجاحة البوشية عندما ينتقد الرئيس بوش زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب ( الكونجرس )
لدمشق و محادثاتها مع المسئولين السوريين على إعتبار أن هذه الزيارة تمثل تقويض لسياسات إدارته الهادفة إلى عزل سوريا دولياً رغم تنامي دورها في لبنان و تأثيرها القوي و الغير مباشر على الداخل الإسرائيلي
ثم يواصل السيد بوش هوايته في البجاحة بالمطالبة اللتي أصبحت مملة لإيران بالكف عن تخصيب اليورانيوم حتى لا تتحول إلى دولة تمتلك أسلحة دمار شامل في تحدٍ واضح للعملاق الإسرائيلي اللذي انفرد بالشرق الأوسط فارضاً أسلحته النووية على الجميع و ضارباً بالشرعية الدولية عُرض الحائط
و لكن يبدو أن الإدارة الأمريكية تفتقر إلى الحياء فقد إجتمعت وزيرة خارجيتها في شرم الشيخ بوزير الخارجية السوري وليد المعلم و أجرت معه مباحثات واصفة إياها بالعملية ، و يبدو أنها تناست إنتقاداتها لبيلوسي عندما زارت دمشق ، و في نفس المؤتمر و على مائدة غداء إجتمعت رايس مع نظيرها الإيراني منو شهر متكي و جرى اللقاء بينهما بشكل مقتضب كما أشار وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط و في نهاية المؤتمر غادر متكي حفل عشاء كان يجلس فيه بمواجهة رايس و قد غادره محتجاً على رداء رايس الغير محتشم ( رداء عازفة الكمان الروسية ) و انهالت الإنتقادات الأمريكية على رأس متكي
يبدو أن الإدارة الأمريكية على إستعداد للتضحية بكل شيء حتى أمن إسرائيل في سبيل أمن العراق و حقن دماء الجيش
الأمريكي فيه و هو الأمر اللذي يدركه محمود أحمدي نجاد و يلعب بمهارة على أوتاره مع الإدارة الأمريكية ... لقد إجتمعت الإدارة الأمريكية مع أعدى أعدائها ( سوريا و إيران ) في تنازل واضح عن الغرور و الصلف الأمريكي المعهود للوصول إلى هدف بات مستحيلاً و هو تأمين العراق و بالتالي إخراج جورج بوش من حالة الإحراج الحاد و المزمن اللتي وصل لها في الداخل بتدني شعبيته و مهاجمة رجاله القدامي لإدارته و لنائبه ديك تشيني مالك هاليبرتون المستفيد الأعظم من بترول العراق
ناهيك عن الهزيمة المنكرة لحزبه الجمهوري أمام الحزب الديموقراطي في الإنتخابات التشريعية الأخيرة
كما يبدو أن عدوى إنعدام الحياء قد إنتقلت لتوأم الأمريكي الغير شرعي ( بريطانيا ) لتجتمع وزيرة الخارجية البريطانية مارجريت بيكيت مع منو شهر متكي مع التصريح عقب اللقاء بأنه توجد إمكانية لاستفادة البلدين من علاقة بناءة بدرجة أكبر و لا أشك لحظة أن درس البحارة البريطانيين قد أصاب هدفه و أدرك توني بلير الحجم الحقيقي لإيران و أدرك أيضاً أن إستمرار السير في ظل الولايات المتحدة سيعرضه حتماً لعثرات أكبر من توقعاته
نجحت إيران بقيادة الرئيس الفذ محمود أحمدي نجاد في تغيير الكثير من قواعد اللعبة فالولايات المتحدة و بريطانيا تتراجعان عن مواقفهما المعادية لها و السعودية تبلور دورها عربياً و تتدخل بكل قوة في صراعات المنطقة لمحاولة حلها فتجتمع حماس و فتح هناك ثم تفاوض حزب الله و فؤاد السنيورة ثم وفدي السودان و تشاد .. و تلعب السعودية أدواراً أكبر منها كدولة لأخذ مقعدها في مواجهة إيران الشيعية و اللتي تمثل الخطر الأكبر على الوهابية السعودية
و لكن ملك الأردن كان أكثر وضوحاً من السعودية عندما صرح لإسرائيل بأن عدوهما واحد في إشارة لحزب الله اللبناني و المدعوم إيرانياً و سورياً و بالتالي فقد نجحت السياسة الأمريكية في تأليب العرب على بعضهم البعض ثم فشلت في هزيمة دولة واحدة سياسياً ( إيران ) رغم حشد الدول العربية و الغير عربية
فمن الأجدر بالإحترام و من صاحب نبع الحياء الحقيقي جورج بوش أم محمود أحمدي نجاد ؟