الاثنين، يناير 29، 2007

المجرم اللذي أحترمه

حي المعادي في القاهرة من الأحياء الهادئة و الراقية و الآمنة لذلك اتخذ الأجانب منه سكناً دائماً لهم فهو بعيد عن ضجيج القاهرة و زحامها و زخمها .. و لكن في الفترة الأخيرة ظهرت شائعات - و ربما حقيقة - عن شاب في العشرينيات من عمره يستقل دراجة نارية و يقوم بطعن أو جرح الفتيات من الخلف و في المؤخرة بالتحديد
أحياناً يكون الفرق بين الصراحة و الوقاحة صرحاً شامخاً لا يمكن بلوغه و أحياناً يتلاشى هذا الفرق و تصبح الصراحة وقاحة صرفة و يصبح الإجرام وسيلة هامة و فعالة لإصلاح الأخطاء و قد يتغلب الإجرام كوسيلة على وسائل أكثر نبلاً و فضيلة كالنصح و الدعوة و غيرها .. و أحياناً تكون الميكافيللية أفضل من غيرها عندما تنفد الوسائل المنطقية لحل مشكلة و كما قيل عندما تتعذر الحلول المنطقية لمشكلة فحلها غير منطقي!
منذ ظهرت هذه الشائعة و التزمت الفتيات بالحشمة الحقيقية و الوقار السليم و بدأن يرتدين ما لا يصف و لا يجسم أجسادهن ، فهل فشلت كل الوسائل ( السلمية ) في هداية النساء و نجحت الوسيلة الإجرامية في هدايتهن ؟
في الواقع إن فتيات هذا الزمان أوتين نصيباً لا بأس به من البجاحة و الصلف و هذا ينطبق على كل النوعيات على اختلاف مشاربها و مستوياتها و ثقافاتها ، منهن من يجزمن أنهن محترمات رغم المظهر الغير محترم و التبرج السافر و العري الشبه كامل و يحتججن بأن الإحترام داخلي و ليس خارجي أو مظهري
و منهن محجبات حجاباً لا يمت بأي صلة للحجاب و يمكن تسميته بغطاء الرأس كونه لا يحجب إلا الشعر أو بعض الشعر بينما بقية الجسد إما عاري و أما أوضح من العري بالملابس الضيقة
و هنا نتسائل هل هؤلاء يرتدين الحجاب للإحتجاب أم لهدف آخر أم فـُرض عليهن الحجاب ؟
عندما حدثت أحداث التحرش الجماعي في وسط البلد قابلها الجميع - و خاصة النساء - بدهشة و ذهول متسائلين كيف يحدث هذا في مصر و نسوا أن يتسائلوا لماذا يحدث هذا في مصر و من المتسبب فيه ؟
و قد كان هذا الحادث مؤشراً على اقتراب الثورة الجنسية أو الثورة الدينية على الأوضاع المقلوبة للنساء في مصر ، و كانت التساؤلات تشعرني أننا نعيش في زمن الحرملك و حدث هذا الحادث أي أنها تساؤلات تتجاهل تصرفات و أفعال و ملابس النساء و توجه أصابع الإتهام نحو الرجل على اعتبار أنه كائن حيواني غير سوي فهو يتحرش دون أي أسباب أو مثيرات من وجهة النظر النسائية بينما الحقيقة أن بجاحة النساء جاوزت الحدود في تناول هذا الموضوع بل و في كل الموضوعات المتعلقة بالعلاقة بين الجنسين ، فما هو المثير في بنطلون جينز ضيق يجسم جسدها شكلاً و موضوعاً و ما هو المثير في بادي يجعلها شبه عارية و ما هو المثير في القصير و الشفاف و و و و إلخ ... كل هذا لا تراه هي مثيراً بل هو أقل من العادي و عندما يعلن الرجل عن نتائج ما ترتديه هي يكون بذلك حيواناً وقحاً سافلاً و به كل العبر
و رغم أن النساء يفعلن كل ذلك من أجل عيون الرجل بل هناك شركات عالمية و ملايين الأسر اللتي تعيش على حساب النساء كشركات مستحضرات التجميل و العاملين فيها إلا أن عيون الرجل تصبح آثمة فوراً إذا وقعت على جزء من جسدها تعمدت أن تظهره لتقع عيون الرجل عليه !!!!
لقد نجح هذا الشاب صاحب الدراجة و الأفعال النارية في ما فشل فيه الكثيرين لذلك فأنا أحترمه رغم أني أدينه لأنه مجرم و لكنه يمثل المجرم البطل
يعبر تصرف هذا الشاب عن فكرين متضادين الأول هو الفكر الديني الداعي للحشمة أو إكتمال الحشمة و يعترض على الشكل الحالي للحياة النسوية كونها بعيدة عن الدين شكلاً و موضوعاً
أما الفكر الثاني فهو الفكر الإباحي الداعي لإكتمال التبرج و خلع الحجاب فهو - أي غطاء الرأس - الشيء الوحيد حالياً الدخيل على التبرج فغالبية المحجبات متبرجات بغطاء رأس !
و كما اعتدنا في السنين الأخيرة بإقحام كل شيء في السياسة لتحصيل مكاسب لطرف أو لآخر فقد ظهرت شائعة تنسب هذا الشاب إلى جماعة الإخوان المسلمين على اعتبار أنه يعمل ( كداعية ) أو يرفض بأفعاله فساد أحوال النساء و الهدف من تلك الشائعة واضح و كذلك مصدرها واضح فهي تحاول سحب بساط التأييد الشعبي لجماعة الإخوان ببث الكراهية في منهجهم
و حتى لو كان للإخوان يد في هذا الأمر فأنا أحييهم على ذلك فقد نجحوا بشكل غير مسبوق فيما فشل فيه كل المحاولون

ليست هناك تعليقات: