الجمعة، مارس 18، 2011

نبوءة

نبوءة
بعد التحولات الغير مسبوقة في وجدان الشارع السياسي المصري أتوقع أفول نجم الإخوان المسلمين ، بل أتوقع إنتهاء كل التجمعات الأصولية و السلفية و كل ما إندرج تحت إسم الدين السياسي سواء كان مسلم أو مسيحي

طوال القرن الماضي و مصر لم تمر بحالة من الحرية السياسية و الفكرية كهكذا حالة نمر بها الآن و هو أمر يظهر بوضوح في الإتجاهات العشوائية لكل القوى الوطنية فمن تكوين أحزاب بالجملة إلى ترشيح عشرات المرشحين لأنفسهم من أجل خوض الإنتخابات الرئاسية ناهيك عن صحافة و إعلام تتبارى في نشر كل ما كان محرماً من أخبار و كانت تغلفه القدسية كثروة حسني مبارك و جرائم حبيب العادلي و ما إلى ذلك
لقد أصبح نشر الخبر صباحاً يعقبه تكذيبه مساءاً ، و رغم ما يحمله هذا من تخبط و بعض السلبية إلا أنها ظاهرة صحية تنم عن حرية حقة و مسئولية إعلامية

إن الثورة منحت كامل الحريات لكل من يعيش على أرض هذا الوطن و مع الحرية شعر الجميع بهول المسئولية عن تلك الحرية فغدوا لا يألون جهداً في العمل الجاد لصالح هذا الوطن

إلا بعض الشراذم و الفلول كبقايا النظام الساقط و حفنة من الإخوان المسلمين - و ليس جميعهم -

إن من يخشى على مصر من تأثير الثورة المضادة قد يكون واهم فرغم وجود المحاولات المستميتة لتدمير ثورة 25 يناير و وجود ثورة مضادة بالفعل إلا أن تأثيرها أصبح من الضعف بحيث لا يذكر فكل المحاولات تبوء بالفشل تباعاً و تقتل أشعة شمس المستقبل جراثيم الماضي في مكامنها

لقد إعتاد الإخوان المسلمين على نظام مبارك حتى أن أدبياتهم داخل الجماعة أقرت بديمومته و تشكلت عقولهم و بالتالي سياساتهم على أساس خلود نظام مبارك و لم تكن ثورة 25 يناير تداعب أحلى أحلامهم ، لذلك فإن التحول المفاجيء في الواقع السياسي لمصر أصابهم بالصدمة و الذهول فضلاً عن سرعة منح الحريات لجميع طوائف الشعب مما ساهم في تضاؤل حجم الإخوان اللذين كانوا يعتاشون على مكاسبهم من قمع النظام لهم و قمعه لغالبية الشعب و سلب حرياته و تهميشه

لقد باتت كل تلك الأمور اللتي كان الإخوان يتغذوا على نتائجها أثراً بعد عين و بالتالي فلقد فقدوا أهم مصادر نموهم و إنتشارهم

لم يعد رجل الشارع يكتفي بـ ( حسبي الله و نعم الوكيل ) في نظام الحكم بل أصبح يعتصم و يحتج و يطالب بحقوقه بشجاعة و إقدام ، لقد إكتشف انه قادر و لديه الإرادة للتغير و ليس مهيض الجناح ، إكتشف أن بإمكانه تغيير الحكومة و الحاكم و الدستور و حل مباحث أمن الدولة بعدما كان يصمت و يهرب و يمشي جنب الحيط و يلجأ لمتابعة الرياضة أو الجلوس على المقهى أو للخدمات الإجتماعية تحت لواء الإخوان المسلمين

الإخوان اللذين نجحوا بمساعدة النظام الساقط في إقران الدين بالسياسة ليصبح شعارهم هو الحل اللذي يلجأ له رجل الشارع لينتقم من نظام يراه مستبداً و زنديقاً و ماجناً لأنه ظلمه و نهب حقه و بخسه أمواله

و الآن و قد عادت الحقوق أو كادت هل سيظل المواطن المصري يبحث عن حائط ليسير بجواره أم أنه سيخرج من قوقعته ليقول رأيه و يطالب بحقوقه دون خوف من أمن الدولة أو من براثن نظام مبارك اللذي ولى و ذهب بإرادته إلى مزبلة التاريخ

الشهور القادمة ستكون حبلى بمفاجآت جديدة كإنحلال جماعة الإخوان من داخلها و رفض لبعض رموز الأقباط المتطرفين من داخلهم أيضاً و ستبزغ شمس الحرية مبددة ظلمات عشنا فيها لعشرات السنين و لكنها أبداً لم تعش فينا

ليست هناك تعليقات: